500 جامع ومسجد بنزوى.. مراكز إشعاع تضيء بنور المعرفة
حرص العمانيون منذ بزوغ فجر الإسلام وانتشاره في البلاد على تأصيل علاقتهم بالدين وتوثيق ارتباطهم الروحي بتعاليمه ومبادئه، فكان سعيهم لوجود مكان يجمعهم لهذا الغرض هو أحد أبرز اهتمامهم، فلم يكن هناك خيار أفضل من المساجد لتكون حاضنة للمجتمع المسلم الوليد، ومع انتشار المدن وتوسّع العمران تعددت المساجد حتى أضحت تغطي كل بقعة من بقاع المدن العمانية؛ حيث إنه وانطلاقًا من تلك الأهمية شرع العمانيون في بناء المساجد وإعمارها فنادرًا أن تمر بمنطقة أو جهة ولا تسمع فيها صوت (الله أكبر) ينطلق ليملأ الآفاق ويضيء الكون بنفحاته ونورانيته، وتتميز مدينة نزوى بوجود أعداد كبيرة من المساجد المنتشرة في كل مكان بالولاية منها ما هو قديم ومنها الجديد ومنها ما تم تجديده مع الاحتفاظ باسمه، كيف لا وهي مدينة التاريخ والعلم حيث انتشرت وتعددت في كل حي وشارع، وفي إحصائية برنامج المساجد بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية يوجد قرابة 497 جامعًا ومسجدًا معمورًا بالإضافة إلى جامع السلطان قابوس وجامع القلعة وجامع أكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة، وغيرها الكثير من المساجد التي لم تعد مأهولة ولكن بناؤها ما زال صامدًا إلى يومنا هذا، حيث يقدّر الكثير من كبار السن والمؤرخين أن بالولاية ما يربو على 1000 مسجد بين عامر بالذكر والصلوات الخمس وقائم يحافظ على بنيانه ومكانه.
وتعمل هذه المساجد كمراكز تعليمية كما قامت بأدوار اجتماعية تتعلق بعقد الزواج والصلح بين الخصوم وفي أروقتها المباركة يجتمع الناس لمناقشة ما يحتاج له المجتمع وما يحتاج له الفقير من أوقاف وإعانات، وظل الأمر كما هو عليه وإن اختلفت طرق عرضه وصيغ تنفيذه وقد رأينا في المساجد مشاهد كثيرة تبيّن اللحمة الإسلامية والارتباط الجمعي بين المسلمين في لقاءاتهم عبر خمس صلوات يوميًا حيث يتعرف كل واحد على أخيه وما يحتاجه وما هو عليه فينشأ بذلك رابط الجسد الواحد وإن اختلفت الأرواح، ونشير إلى أن المساجد لها أوقاف كثيرة تعزز الوحدة الإسلامية والرابطة الأخوية الإيمانية الوثيقة.
كم أن اجتماع المسلمين في اليوم خمس مرات كفيلة بزرع الروح الواحدة بين فئات المجتمع مهما تباينت طبقاتها واختلفت مواقعها واتجاهاتها .
تختزل نزوى اليوم روح سلطنة عُمان في مشهد فريد يجمع بين الأطلال التاريخية والخدمات العصرية، محافظة على هويتها، ومنفتحة على المستقبل، وفق رؤية تنموية تضع الإنسان والتراث في صميم اهتماماتها. وكما يردد زوارها: «نزوى.. ولاية تسكن القلب»، فهي لم تعد مجرد وجهة للزيارة، بل خيارًا للاستقرار، وفرصة للاستثمار، وتجربة لا تُنسى في عناق التراث للحداثة.