الوعي.. سلاح الدولة في مواجهة حروب الجيل الخامس..
منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مسؤولية قيادة الدولة المصرية، لم يكن الحديث عن «الوعي» مجرد شعار، بل منهج إدارة وبناء دولة في مواجهة أخطر حروب العصر: حروب العقول والمعلومات.
فالرئيس السيسي كان من أوائل القادة الذين أدركوا أن الحفاظ على الأمن القومي لا يتحقق فقط بالجيش والسلاح، وإنما أيضاً بـ إدراك الشعب ووعيه بما يُحاك ضد وطنه.
وفي الندوة التثقيفية الثانية والأربعين للقوات المسلحة بمناسبة الذكرى الـ52 لنصر أكتوبر المجيد، أكد الرئيس بوضوح أن «الوعي هو السلاح الحقيقي للدولة»، في إشارة إلى أن معركة مصر اليوم لم تعد على الأرض فقط، بل داخل العقول والقلوب.
من نصر أكتوبر إلى نصر الوعي
نصر أكتوبر كان نموذجاً لمعنى «الإرادة الواعية».. حيث صاغ المصريون انتصارهم بالإيمان بالوطن وبقدرتهم على تجاوز الهزيمة.
واليوم، بعد أكثر من نصف قرن، يخوض الرئيس السيسي معركة مشابهة في جوهرها وإن اختلفت أدواتها: معركة الوعي الوطني، التي تهدف إلى تحصين المجتمع من حملات التضليل والإحباط التي تستهدف كسر الثقة بين المواطن ودولته، لقد تحولت وسائل التواصل والإعلام المعادي إلى ساحات لحروب نفسية ممنهجة، تسعى إلى إعادة إنتاج الشك والارتباك في الوعي الجمعي.
لكنّ الدولة المصرية واجهت ذلك بثقة وثبات، عبر بناء مؤسسات إعلامية ومعنوية قادرة على الدفاع عن الحقيقة وإحياء الذاكرة الوطنية، وترسيخ قيم الانتماء والاعتزاز بالهوية المصرية.
الشؤون المعنوية.. درع الوعي الوطني
أثبتت إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة أنها أحد أهم أذرع الدولة في هذه المواجهة، بعدما طورت من أدواتها وأساليبها لتصبح منبراً وطنياً لبناء الإدراك الجمعي.
وخلال الندوة التثقيفية الأخيرة، قدّمت الإدارة نموذجاً متكاملاً في التوعية والتثقيف الوطني من خلال أفلام وثائقية ومواد فنية وإعلامية تناولت مراحل النضال المصري من نكسة 67 إلى نصر أكتوبر، وصولاً إلى الحرب على الإرهاب ومشروعات التنمية الراهنة.
لقد أدركت الدولة المصرية، بقيادة الرئيس السيسي، أن الفن والإعلام الموجه بالوعي لا يقل أهمية عن السلاح في المعركة، وأن الحفاظ على المعنويات الوطنية هو الدرع الأول ضد محاولات الاختراق الفكري والنفسي.
الإرهاب المعنوي.. الوجه الجديد للفوضى
لم يعد الإرهاب اليوم قنبلة أو تفجيراً، بل أصبح رسالة موجهة أو منشوراً مزيفاً أو شائعة تنتشر كالنار في الهشيم.
إنه إرهاب يضرب الثقة قبل أن يضرب الأجساد، ويستهدف تفكيك وعي المجتمع بدلاً من تفجير منشآته.
وقد وعت الدولة المصرية هذا الخطر مبكراً، فبدأت في بناء ما يمكن تسميته بـ الأمن المعرفي، أي تحصين العقول بالحقائق، وتعزيز الثقة بالمؤسسات، وإشراك المواطن كعنصر فاعل في حماية وعي وطنه من التزييف المقصود.
السيسي وبناء جبهة الوعي الوطنية
الرئيس السيسي لا يتحدث عن الوعي كشأن ثقافي أو فكري مجرد، بل كـ أولوية استراتيجية في مشروع الدولة الحديثة.
فمنذ عام 2014، وهو يوجّه مؤسسات الدولة إلى الاستثمار في الإنسان، ليس فقط في التعليم والصحة، بل في تشكيل وعيه الوطني وقدرته على التمييز بين الحقيقة والزيف.
ولذلك، جاءت مبادرات مثل «حياة كريمة»، و«قادرون باختلاف»، ومشروعات تمكين الشباب، وندوات القوات المسلحة، كلها في جوهرها أدوات لتعزيز الوعي الجمعي وتأكيد فكرة الدولة القادرة والمجتمع المتماسك.
وعي يحمي الوطن
مصر اليوم لا تواجه خصوماً بالسلاح، بل تواجه منظومات تضليل تستهدف عقل المواطن المصر، لكن إدراك القيادة السياسية لطبيعة التهديد، واستثمارها في بناء وعي وطني مستنير، جعلا مصر أكثر صلابة في وجه تلك الحروب الخفية.
فكما عبر المصريون قناة السويس في أكتوبر لتحرير الأرض، فإنهم اليوم – بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي – يعبرون قناة الوعي لتحرير العقول، إنها معركة لا تُرى بالدخان ولا تُقاس بالخسائر، بل تُقاس بقدرة الشعب على التمييز، وبقوة ثقته في دولته.
وبقدر ما يزداد وعي المصريين، تزداد حصانة الوطن، وتثبت مصر أنها الدولة التي لا تُهزم.. لأن شعبها يعرف الحقيقة، ويقف دائماً في صفها.
……………
محمد حسام ثابت
مدير برنامج الإرهاب والتطرف – مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية