عاجل
الأثنين. يونيو 9th, 2025

سعيد الخولى يكتب :ذكريات لا تموت حكاية صورة فى المنصورة

العالم الآنالعالم الآن 12, ديسمبر 2023 17:12:10

الواقع أنني كنت أبحث عن صورة أخري للكتابة عن فكرة أخري مختلفة تماما، ومع البحث العشوائي وجدت تلك الصورة دون مناسبة تستدعيها، وتذكرت أنها كالقدر يجد الإنسان نفسه فى أمر وقد كان يفكر في أمر آخر مختلف.
فبراير ١٩٨٦ في ميدان محطة القطار بالمنصورة وكان يتوسطه تمثال أم كلثوم التي اتخذتها محافظة الدقهلية رمزا لها كأشهر كواكب ونجوم الفن الذين أنجبتهم الدقهلية، وما أكثرهم، لكن تبقى كوكب الشرق في مكانة خاصة بين الجميع.. رحمها الله.
كانت المرة الاولي التي تطأ فيها قدماى تلك المحافظة المشهورة بالجمال، نعم هي جميلة بروح أهلها واستنارة نسبة كبيرة منهم، فضلا عن جمال المدينة وموقعها النهرى البديع وليلها الساحر على شاطئ النيل بالأضواء التي تنبعث من الأندية الشاطئية، تتلألأ على صفحة المياه فتبدو فضية ذهبية فوسفورية فى آن واحد.
كانت الزيارة الأولى تدشينا للخطوة الأولى في مشوار رحلة العمر مع النصف الآخر.
ورأى عمي محمود رحمه الله الواقف بجواري ان يقتنص الفرصة لالتقاط صورة تذكارية لنا هناك ومعنا عمي السيد ـ أمد الله فى عمره ـ وهو التالي لوالدي رحمه الله والسابق لعمي محمود رحمه الله. وكان من بين دواعي سرور عمي محمود أن الصورة في خلفيتها أم كلثوم وقد كان من محبي فنها، وكان أبي الروحي وأنا بالقرية بعيدا عن أبي وأمي المقيمين بالقاهرة. كان أبي الروحى وأستاذ أجيال عديدة عديدة تخرجت على يديه ويد رفاقه العظام فى قريتنا نكلا العنب.. وكنت الشاب الأول في شباب العائلة الذي يقص شريط دخولهم عش الزوجية، وكان معنا في نفس الرحلة والداي بطبيعة الحال واخوتي الأصغر مني وجدتي رحمها الله، وكانت وقتها تتجاوز الرابعة والسبعين من عمرها، لكنها أصرت على حضور خطبة ابن ابنها وأول أحفادها لتصير جدة لأحفاد الابن، وهي درجة ممتعة في القرابة يشعر بها وتشعر بها الجد والجدة لأحفاد أبنائهما، ويكون الفارق الزمني بينهم مدعاة للسعادة وشكر الله أن وهبهما العمر لمعاصرة ابن ابن الابن، ليصير هذا الصغير أعز أعز الولد، ويصير الكبير هو الرمز والعنوان على عائلة عريقة تتواصل أجيالها وتتلاقي وتتجالس وتتبادل خبرات الأكبر واحترام الكبير وقفشات وشقاوة ودلال الصغير وهو ينمو نموا صحيا متراتبا يلعب الطعام والشراب فيه عاملا غير أساسي في صحة وسلامة الأبناء والأحفاد نفسيا وسلوكيا، فكم من ضائع مشتت الحال لا لشيء سوي فقدانه التواصل الطبيعى مع الكبار، والعكس صحيح.
وكانت تلك اللقطة التذكارية بالفعل لما بعدها، فالمعالم قد تغيرت في ميدان المحطة بالمنصورة وبطبيعة الحال تغير الأفراد بفعل من توفى منهم رحمهم الله، كانت تلك اللقطة تدشينا لارتباط وزرع لشجرة جديدة بفروع تتشابك وتتعانق مع الشجرات الأخري في بستان العائلة، ويمضي الوقت لأجدنا بأولادنا وأحفادنا نعيد الكرة وقد مضي بنا منذ ذلك اليوم أربعة وثلاثون عاما…


#حكاية صورة فى المنصورة

اخبار مرتبطة