الخلاف بين القاهرة وتل أبيب قديم .. قبل إنشاء دولة الإحتلال.. قادة الصهيونية العالمية الذين سيطروا على دول الغرب عبر الفساد المالي ثم إختراق قصور الحكم بالخداع والمكر، يدركون أن مشروعهم المزعوم في منطقة الشرق الأوسط لا يستطيع إيقافه إلا المشروع المصري، لذا يتحركون دائماً من أجل حصار القاهرة وإضعافها ووضع العراقيل أمامها، ويعملون باستمرار على تمزيق أطرافها وزرع الفتنة بينها وبين محيطها العربي، الجميع يدركون أن مصر لو عملت بجدية خلال 10 سنوات تستطيع أن تصبح دولة عظمى.. ولك أن تتخيل أن أحد أسباب إنشاء إسرائيل هو رغبة أوروبا في منع قيام دولة عربية قوية مثل دولة محمد علي باشا.. إلا أن القاهرة تدرك كل تلك المخططات وتتحرك على كامل رقعة الشطرنج بهدوء وحكمة .. أثبتت الأحداث أن القاهرة تملك المعلومات وتسبق بخطوات صانع القرار العالمي الذي بات غير مستوعب لقدرات أجهزة المعلومات المصرية وخطة الخداع الاستراتيجي التي نفذتها على مدار السنوات الماضية.
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أعلنها صريحة في القمة العربية في بغداد .. لا استقرار في منقطة الشرق الأوسط .. ولا خروج من دوامة العنف بدون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وقال: «حتى لو نجحت إسرائيل، فى إبرام اتفاقيات تطبيع مع جميع الدول العربية، فإن السلام الدائم والعادل والشامل فى الشرق الأوسط، سيظل بعيد المنال، ما لم تقم الدولة الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية».. مؤكداً أن الشعب الفلسطيني سوف يظل صامداً متمسكاً بحقه المشروع في أرضه ووطنه .. مؤكداً رفض تهجير الشعب الفلسطينى، مشدداً على أن القاهرة سوف تنظم مؤتمر دولى لإعادة إعمار قطاع غزة، فور توقف العدوان.. رسائل واضحة أربكت المشهد داخل التحالف الصهيوامريكي، وجعلت الجميع يدركون أن القاهرة جادة وجاهزة للمواجهة الكبرى…
الإعلام العبري الذي فوجئ بصمود القوات المسلحة المصرية في وجه مخطط «الشرق الأوسط الصهيوامريكي» تناول تقرير للمخابرات الإسرائيلية عن الخلافات العميقة بين القاهرة وكل من دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، وأن الأمر ليس جديد لكنه يعود إلى 10 سنوات ماضية، عندما أفشلت تل أبيب، صفقة طائرات F35 الأمريكية والمزودة بالذكاء الاصطناعي التي وعد بها ترامب مصر في ولايته الأولى، ولم ينفذ وعوده لضمان التفوق الجوي الإسرائيلي علي كل الجيوش العربية، وهي الصفقة التي حاول جيش مصر تعويضها بالذهاب للتفاوض على شراء طائرات السوخوي 35 الروسية وJ 10 الشبحية الصينية..
منذ ذلك الوقت.. 2017.. أصبح ترامب ورقة مكشوفة للدولة المصرية .. أنه يعد ولا ينفذ .. وأنه يتحدث ولا يفعل.. لذا كانت القاهرة البلد الوحيدة التي لم تهتز لتصريحات ترامب حول قطاع غزة والشرق الأوسط.. لم تفاجئ خلال زيارة الرئيس الأمريكي للخليج بأنه لم يلتزم لا بإدخال المساعدات لقطاع غزة، ولا وقف إطلاق النار، وأن كل هدفه كان إطلاق سراح الأسير «إيدان إسكندر»، ومنح الكيان فرصة أخيرة لضرب غزة والتخلص من المقاومة، لذا وفق خبراء سياسيون فإن القاهرة عندما رفعت « اللات الأربع» في وجه ترامب: «لا تهجير الفلسطينيين .. لا تنازل عن شبر من أرض سيناء .. لا لعبور السفن الأمريكية مجاناً من قناة السويس، ولا مشاركة في ضرب جماعة الحوثي» .. بناء على تقييم سابق لشخصية الرئيس الأمريكي، وموقف واضح من مصر، لذا أدرك ترامب أن مصر لا تشتري الهواء ولا تبتاع الوهم، ولا يغريها كلمات الاطراء الجوفاء التي لا تثمن ولا تغني من جوع.
نعم عزيزي القارئ.. أدركت القاهرة مبكراً أن المخطط الصهيوامريكي هدفه حصار مصر إقتصادياً وعسكرياً، وإن إسقاط مصر التي وصفت في مخطط برنارد لويس حول الشرق الأوسط بـ«الجائزة الكبرى» يبدأ بفرض حصار على تسليح الجيش المصري عبر تفعيل قرار للكونجرس الذي يمنع الجيوش العربية من شراء الأسلحة الحديثة الأكثر تطوراً حتى لا تتفوق علي إسرائيل، وقانون مكافحة أعداء أمريكا أو CAATSA ومن ضمن بنوده فرض عقوبات اقتصادية على دول العالم التي تشتري أسلحة خارج السلاح الأمريكي، إلا أن القاهرة على مدار عقدين خاصة منذ 2013 أفشلت كل محاولات تقييد وحصار التسليح المصري، وقررت الدولة المصرية تنويع مصادر شراء السلاح بعيداً عن واشنطن، جيش مصر كسر جدار الحصار بشراء السلاح من عدة دول غربية وشرقية، ومن خلال تصنيع وتمصير السلاح وهذا ملف سري بإمتياز، وبعد صفقات السلاح الأخيرة خاصة مع الصين، استطاع جيش مصر كسر قاعدة التميز العسكري التكنولوجي الإسرائيلي، لذا تهديد ترامب بوقف المساعدات الأمريكية لم يرهب جيش مصر، بل يزيده إصرار علي التصنيع وتنويع مصادر التسليح، وأصبحت كل السيناريوهات السرية مفتوحة مع القوات المسلحة المصرية التي لم يعد ممكن حساب أفاق قوتها.. حيث أدركت القاهرة مبكراً ومبكراً جداً أن المواجهة قادمة مع التحالف الصهيوامريكي.
الواقع عزيزي القارئ.. التحالف الصهيوامريكي على مدار 30 عاماً استطاع تدمير كل الجيوش العربية الكبيرة لأنها كانت جيوشاً حزبية أو طائفية كالجيش العراقي البعثي، والجيش السوري العلوي.. لكن جيش مصر هو جيش شعب وجيش دولة، وليس جيشاً لحزب أو فصيل أو طائفة، جيش مصر لا يؤمن إلا بعدو واحد وعقيدة واحدة ويتصرف تحت المنطق الصرف للدولة.. ومنذ أكثر من 100 عام يقول كتاب المستعمرات البريطانية: «مصر شعبها كله جيش»…
ونشره موقع Tactical Report: «مصر تمتلك الآن طائرات وغواصات وأسلحة دفاع جوي قادرة على تحييد الجيش الإسرائيلي»، وكانت المناورات العسكرية المصرية الصينية «بروفة» لأية مواجهة قادمة مع الكيان، وخلال الأيام الماضية تأكد التحالف الصهيوامريكي أن التهديدات المصرية بـ«حرب يوم القيامة» تستند على إمكانيات حقيقية، ووفقاً لصحيفة معاريف الإسرائيلية: «قرار واشنطن خفض المساعدات العسكرية لمصر نصف مليار دولار، خاصة في مجال الصيانة وقطع الغيار، جاء رداً على مواقف القاهرة من مخطط الشرق الأوسط الجديد، وأن هدفه الأضرار بنحو 25% من قدرات الجيش المصري» .. هذا القرار سيدخل حيز التنفيذ بداية من عام 2026، وسيتم تطبيقه على مصر والأردن…
ويرى مراقبون أن ترامب الذي ساعد إسرائيل في منع الغذاء والماء والكهرباء عن أهل غزة لإجبارهم على مغادرة القطاع، ولم يفلح، يتوهم إمكانية عقاب مصر بعد رفض خطته لتهجير الفلسطينيين، حيث يرى أن القاهرة العقبة أمام التهجير بعد تجويع سكان غزة، لذا يريد خفض قدرات الجيش المصري، وضمان التفوق العسكري الإسرائيلي، ووفقاً لتقارير سياسية فإن القاهرة رفضت عصا وذهب الصهيونية.. رفضت خطة ترامب وتهديداته، ورفضت أيضاً خطة لبيد زعيم المعارضة الإسرائيلية بحذف الديوان المصرية، والتمدد المصري لإدارة غزة لمدة 15 عام قادمة مقابل مليار دولار سنوياً .. ومنذ أيام انتقد المبعوث الإسرائيلي في الأمم المتحدة وجود قواعد عسكرية وأسلحة هجومية مصرية في سيناء ..وإعتبر المندوب الصهيوني إنتشار الجيش المصري في سيناء هو خرق لإتفاقية كامب ديفيد، بالتزامن مع ذلك الإعلام العبري يحذر من أن مصر تستعد لحرب ضد إسرائيل.. فيما أكدت القاهرة لعدد من العواصم، أن وجود قوات جيش الإحتلال في محور فيلادلفيا والسعي لتهجير الفلسطينيين من غزة أكبر خرق لاتفاقية كامب ديفيد، ويهدد الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط.
وقالت تقارير إعلامية غربية أن ترامب بعد القمة العربية بالقاهرة طلب من وكالة المخابرات الأمريكية، تقريراً مفصلاً عن مفاتيح الضغط على 4 أنظمة عربية «مصر والسعودية والإمارات والأردن» وتقييم شامل للجيوش في تلك الدول خاصة الجيش المصري، من أجل إعادة هندسة المنطقة عن طريق CIA بالعمل علي نقاط ضعف الأنظمة والجيوش العربية، سواء من خلال الضغط بالقواعد الأمريكية علي الدول الموجودة بها والدخول الكامل بالطائرات والمقنبلات الإستراتيجية للقواعد الأمريكية في الأردن والسعودية، ودراسة إنشاء قاعدة عسكرية في الإمارات تحت ذريعة مواجهة الخطر الإيراني، والتواجد داخل سيناء بقاعدة عسكرية .. وفوجئ بالغضب المصري من هذا الطرح، والقاهرة أبلغت واشنطن: «رفض إقامة قواعد عسكرية أجنبية في مصر موقف تاريخي لن يتغير، وخط أحمر لن يسمح بتجاوزه» .. ولذا جاء رد ترامب برفض الخطة المصرية لتعمير غزة رغم أنه لا يوجد خطة واقعية علي الأرض سوي الخطة المصرية.. ووفقاً لمراقبون: «ترامب لا يفكر سوى في مصلحة شركات الغاز والنفط الأمريكية في كعكة غاز غزة وشرق المتوسط.. وفي نصيب الخزانة الأمريكية من كعكة الإستثمار في إعمار غزة.. وعندما اكتشف أن تكلفة التهجير أكبر من العوائد بدأ يناور».
ترامب حاول خلال الأشهر الأخيرة صناعة فتن وإنقلابات داخل عدد من الأنظمة العربية وخاصة داخل مصر، وكان هناك صراع بين البنتاجون الذي يرى أهمية الحفاظ على الجيوش والنظم والدول، وبين المخابرات الأمريكية التي تعتمد في عملها على الانقلابات العسكرية وإسقاط النظم والدول عبر مشروع الديمقراطية المزعومة وصناعة الفتن والفوضى الخلاقة، لذا تجدد العمل علي ملف الفتنة الطائفية داخل مصر، وهو المشروع المفضل لـ CIA لإسقاط الدولة المصرية، فقد ورثت أمريكا عن المخابرات البريطانية، قاعدة ثابتة: «لا يمكن إسقاط مصر، طالما هناك وحدة وطنية بين المسيحيين والمسلمين»، لذا ليس مصادفة أبداً وبعد رفض الرئيس السيسي لمشروع التهجير وبعد تصاعد الصدام المصري الأمريكي أن يظهر للسطح ملف الفتنة الطائفية من جديد… «خطف المسيحييات خاصة في الصعيد حيث النزعة القبلية، ومحاولة إشعال واقعة تحرش مسيحي بطفل مسلم .. وغيرها»، وهذا تخطيط مخابراتي دقيق أن يحتوي الملف على تذكية العصبية الدينية مع قضايا تخص الشرف خاصة داخل المجتمعات القبلية لكي يزداد اشتعال النار، وهو ما انتبه له صانع القرار وأغلب الشعب المصري وتم وأده مبكراً، ورفع الجميع مجدداً شعار ثورة 1919: «عاش الهلال مع الصليب.. الدين لله والوطن للجميع»…
عقلية ترامب «الغير مسيسة» والذي يتعامل بـ«منطق الكاوبوي» و «القاتل تحت الطلب»، و «السمسار الذي يقتنص الفرص»، عقلية تمكنه من القفز لأي مربع يستطيع طالما يحقق مصالحه.. لذا فوجئت تل أبيب أنه عقد اتفاق منفرد مع جماعة الحوثي لوقف العدوان على السفن الأمريكية دون اشتراط عدم ضرب الأراضي المحتلة، كما عقدت أمريكا مفاوضات مباشرة لأول مرة مع حماس، فـ«الحركة ربحت الشرعية»، هذا وغيره يثبت أن ما يشغل ترامب «المال لانه يتحرك بعقلية رجال الأعمال، والسلام الاستعراضي لأنه يريد بأي شكل تحقيق حلمه في الحصول علي جائزة نوبل».
يرى خبراء أن حديث ترامب عن أنه لن يدعم نتنياهو إلى ما لا نهاية، يعد انقلاب على العلاقة بين الرجلين، انقلاب قد يكون مؤقت، إلا أنه يتوافق مع وصف أدم مولر مبعوث ترامب للرهائن .. بأن المفاوضات المباشرة بين أمريكا وحماس كانت «مرنة وجادة»، وقال لشبكة CNN: «نحن نبحث عن مصالح أمريكا بالحوار مع حماس ولسنا عملاء لإسرائيل، وقد تسببت في تحرير الجندي الأمريكي «إيدان إسكندر» و4 جثث لقتلي لدى المقاومة، ورغم هذا لم يستطع الرجل البرتقالي تحقيق المكسب السياسي بعرض صورة تحرير الآسير الأمريكي، لأن هذا يؤكد تورط واشنطن في حرب غزة بالجنود الأمريكان وهذا ما لم يعلنه البنتاجون رسمياً.
ووفق مراقبون فإن حركة حماس تلعب بذكاء ومرونة
وتستمع جيداً للنصيحة المصرية بـ«الجدية في التفاوض ومحاولة إيصال الحقائق للرئيس ترامب»، وهو ربما أحد أسباب ما يظهر من «تغير جزئي».. في موقف إدارة ترامب وعدد من العواصم الأوروبية نحو ما يحدث في غزة، ويوماً بعد يوم .. يتأكد للجميع أن الخطة المصرية لتعمير غزة هي الخطة الوحيدة الواقعية المطروحة علي الطاولة.
ذهب البعض إلى أن نزع سلاح حماس يعد نقطة الضعف في الخطة المصرية.. بينما ترى مصر أن نزع سلاح حماس هو ذريعة سياسية إسرائيلية بإمتياز وليست قضية فنية، وهي فكرة غير عملية لأنه لا توجد معلومات كاملة عن السلاح، ولا ضمان عدم رجوع سلاح حماس بعد نزعه لو قامت إسرائيل بعدوان جديد علي غزة بعد التعمير، فالمستثمر والممول لمشروعات إعمار غزة وفقاً للخطة المصرية لا يفكر في نزع سلاح المقاومة لكن ما يهمه ضمانات لعدم عودة العدوان الإسرائيلي بعد الهدنة التي ربما تكون من 5 إلى 10 سنوات بعد وقف الحرب، هدنة بضمانات أمريكية وإقليمية أهمها تعهد إسرائيل بعدم التخطيط لحرب جديدة، والهدنة لن تكون وفقا لتصورات أوسلو ودخول في مفاوضات إقامة الدولة الفلسطينية، وإنما بالجلوس للتفاوض بين دولتيين بعد إعلان الدولة الفلسطينية علي حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهي الرؤية التي طرحتها مصر ووافق عليها أغلب اللاعبين بما فيهم حركة حماس.
عزيزي القارئ.. ما يعطل تنفيذ الخطة المصرية هي إسرائيل وليس قضية نزع سلاح حماس.. المفاوضات المباشرة بين حماس وأمريكا كان هدفها إيصال الحقائق لترامب .. ووفق خبراء فإن ترامب يريد المال وجائزة نوبل ولا يهمه نفي حماس أو تدميرها.. لكن تدمير حماس هو ذريعة نتنياهو لعودة الحرب.. نتنياهو يرى أن وجده السياسي ينتهي في اليوم التالي لوقف الحرب، وقد يقدم للمحاكمة، لذا يرهن إسرائيل مقابل وجوده على رأس الحكومة.. بينما الداخل الإسرائيلي يعيش في صدام سياسي وقضائي ومؤسسي خاصة بين الحكومة والجيش، وبات الجميع داخل الكيان يدركون أن نتنياهو يحاول الهروب للأمام بالحرب..
وكشف خبراء أن الخطة المصرية محتاجة الإجابة على السؤال الصعب: من يدير غزة بعد الحرب؟! .. لذا سعت القاهرة على مدار السنوات الأخيرة إلى تحقيق «الوحدة الفلسطينية»، وأصبح الوصول لحكومة وحدة وطنية من تكنوقيراط لإدارة مرحلة التعمير أمر حتمي، وكانت لقاءات المخابرات العامة المصرية بوفد حماس وفق إستراتيجية توقيت عالية الاحترافية، فبعد المفاوضات المباشرة بين حماس والامريكان، انطلقت علي الفور جولة جديدة من المفاوضات بين مصر وحماس والتي عرفت بـ«مفاوضات رشاد – درويش»، وذلك للتنسيق علي الخطة المصرية لتعمير غزة، وأكدت تقارير غربية أنه لو لا وجود المخابرات العامة المصرية علي الخط الساخن منذ بداية حرب غزة ما كان هناك أي منطق أو رؤية تدير الملف سوى رؤية نتنياهو مجرم الحرب المأزوم الذي يخدع شعبه من منطلق عقائدي مرتبط بالتراث اليهودي التوراتي.. حيث يزعم أنه الموعود ببناء الهيكل، وإقامة دولة إسرائيل الكبرى من نهر الفرات إلى نهر النيل.. نعم .. المخابرات العامة المصرية هي من تقود الأمة العربية في مواجهة التحالف الصهيوامريكي.
ووفق خبراء كانت كل حسابات اليمين الصهيوني المتطرف ترتكز علي الإنقسام الفلسطيني، وكانت المخابرات العامة المصرية واعية بهذا الفخ، لذا كانت دائما تسعي لعمل جولات تفاوض بين الفصائل الفلسطينية، لأن مصر كانت تعلم أن إستراتيجية اليمين الصهيوني هي تحقيق الإنقسام الفلسطيني، لذا فالإعلام العبري في صدمة من تنازل حماس عن إدارة القطاع والقبول بحكم حكومة جديدة من الخبراء أو التكنوقيراط لتنفيذ الخطة المصرية لتعمير غزة، وهو ما جعل مراقبون يؤكدون أن مصر نجحت في جعل الصمود فوق الارض هو إستراتيجبة المقاومة، وهو الرهان الذي غير المعادلة منذ 7 أكتوبر 2023.
ويرى خبراء أن صمود الشعب الفلسطيني والجهاد الإقتصادي لعزل تل أبيب اقتصادياً أصبح هو بوصلة المقاومة الفلسطينية والدول العربية خاصة في رفض التهجير، مع إستمرار الحرب خسر الاقتصاد الإسرائيلي أكثر 1300 مليار دولار، لم يعد الكيان مقصد سياحي آمن، والكثير من الشركات الاستثمارية أغلقت أبوابها، واوقفت شركات الطيران رحلاتها، ولأول مرة في تاريخ الكيان تحدث هجرة عكسية للخارج، حيث ترك 650 الف صهيوني إسرائيل منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى، وتسببت الحرب والابادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في إسقاط بورصة وتجارة واقتصاد إسرائيل، فيما تؤكد تقارير عسكرية أن جيش الاحتلال فقد نحو 80% من قدراته، وأنه يحتاج إلى نحو 10 سنوات ليعود لما كان عليه قبل 7 أكتوبر 2023، لذا الكيان مهما ادعى قادته، لا يمكنه الإستمرار في الحرب، ولا يمكنه مواجهة جيش مصر، بعدما أصبح هناك توازن في القوى، وانتهت أسطورة السيادة الجوية الإسرائيلية، وهو ما جعل رئيس الكونجرس اليهودي العالمي يزور مصر لإنقاذ إسرائيل من النهاية لو واجهت مصر، واقراره لحل الدولتين رغم أن الدولة الواحدة هي معتقد توراتي صهيوني ثابت، بل وصية والد نتنياهو لابنه، الذي يعتقد أنه الموعود ببناء الهيكل المزعوم، لكن هذا لا يعني انتهاء الخطر أو تراخي حالة الإستنفار لأي مواجهة محتملة.
في المقابل.. قد لا يدرك البعض أن دعوة الدول الغربية لوقف الحرب في قطاع غزة هدفه بالأساس «حماية إسرائيل».. تل أبيب ليس لديها القدرة علي دخول حرب جديدة بسبب الصراع الحاد في الداخل الصهيوني .. الإنقسام حول ملفات الآسري وتجنيد الحريديم والهجرة المضادة الإسرائيلية للخارج .. كل هذه الأزمات والملفات هي مؤشر علي الصراع الداخلي بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية .. والصراع بين الجيش والمخابرات ورئاسة الوزراء، وخاصة بعد إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي «الشباك»، وتغيير رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع، كل هذا أكد عدم قدرة إسرائيل علي لم الشمل الداخلي، وبالتالي فقدت قدرتها العسكرية والمخابراتية علي القيام بحرب جديدة.. وزادت التوقعات بأن أكبر خطر تواجهه دولة الإحتلال هو التأكل من الداخل…
ويقول مراقبون بعد توسيع الشراكة الاقتصادية الأمريكية العربية وخاصة بصفقات تزيد عن 3 تريليون دولار من «السعودية والإمارات وقطر»، قد يصبح مركز القرار الإقتصادي والمالي الجديد لمنطقة الشرق الأوسط في الخليج، يمكن الاستفادة منه لصالح القضية الفلسطينية، وذهب البعض إلى وجود محور عربي جديد يتشكل بقيادة مصر لـ«عزل إسرائيل» سياسياً واقتصادياً، وخاصة بتقوية كل «دول الطوق» اقتصادياً، أو ما يعرف بـ«فقه الجهاد الاقتصادي»، والسؤال: بعد زيارة ترامب للمنطقة العربية هل يتحرك العرب لتذويب إسرائيل بالإقتصاد، بعدما فشلوا طوال 80 عاماً من القضاء عليها بالبارود والنار؟!..
ويؤكد خبراء سياسيون أنه لا يمكن الآن تهميش المبادرة العربية ولا رفض الخطة المصرية لإعمار غزة، خاصة أن قبول حماس ترك الحكم في غزة، أحرق كل أوراق وحجج إسرائيل، وبعد تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في القمة العربية ببغداد في مايو الجاري: «أن العنف في المنطقة لن يتوقف إلا بعد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، حتى لو تم التطبيع مع جميع الدول العربية» … فإن التطبيع والاتفاق الإبراهيمي دخل القبر، وبات الوضع واضحاً.. لا تطبيع دون إعلان الدولة الفلسطينية.. لا سلام دون إعلان الدولة الفلسطينية.. ولا نزع السلاح حماس دون إعلان الدولة الفلسطينية.. وهو ما اعتبره مراقبون بداية النهاية لخريطة إسرائيل «شرق الأوسط الجديد».
نعم عزيزي القارئ.. تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كانت واضحة من بداية طوفان الاقصي وهو ما يحدث الآن .. دولة فلسطينية قابلة للحياة حتي ولو بلا جيش، وحماس لن تنزع السلاح إلا مقابل الدولة.. رؤية مصر تقود كل شيء في ملف القضية الفلسطينية.. السعودية يمكن أن تحل محل إسرائيل كلاعب إقتصادي للمصالح الأمريكية في المنطقة .. وإسرائيل لا يمكنها الاستمرار في الحرب ولا يمكنها مواجهة جيش مصر .. والصفقة هي نزع السلاح الفلسطيني مقابل الدولة .. إعمار غزة بشركاء اقليميين وقدرات مصرية.. والتحولات في المواقف الإقليمية والدولية خاصة داخل الإتحاد الأوروبي وأمريكا جاء نتيجة صلابة الموقف المصري وصمود الشعب الفلسطيني.. والقادم وقف الحرب على غزة، وإعادة الإعمار، وعودة القاهرة إلى صدارة المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط .. دعوانا نترقب ونرى.