سو إلين حسونة.. صوت القانون الذي يقود التغيير

في زمن يتعاظم فيه دور المرأة المصرية على كافة الأصعدة، تبرز المحامية الدكتورة سو إلين حسونة كواحدة من أبرز الأسماء القانونية التي أثبتت أن الكفاءة والجدارة لا تعرف جنسًا ولا حدودًا، فمنذ بداياتها في سلك المحاماة، حملت على عاتقها هدفًا واضحًا: أن تجعل القانون أداة لحماية الحقوق، ومظلة لتعزيز النزاهة والشفافية، وجسرًا نحو مستقبل أكثر عدلًا واستقرارًا.

ففي الثامن والعشرين من ديسمبر عام 1984، وُلدت في محافظة الإسكندرية فتاة صغيرة، لم يكن يخطر ببال أحد أنها ستصبح يومًا ما إحدى أبرز الأصوات القانونية في مصر والعالم العربي. هي الدكتورة سو إلين حسونة، المحامية التي لم تكتفِ بأن تخوض غمار المهنة التقليدية، بل صنعت لنفسها مسارًا استثنائيًا جمع بين الممارسة العملية، والعمل الأكاديمي، والنشاط المجتمعي.

بعد أن التحقت بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، اختارت القسم الفرنسي، لتضع نفسها منذ البداية في مسار مختلف وأكثر تحديًا،  ثم قررت أن توسع مداركها بالحصول على ليسانس حقوق ثانٍ من جامعة جان مولان في ليون – فرنسا، قبل أن تواصل دراستها العليا وتحصل على درجة الماجستير في القانون الدولي المقارن من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2009 بمرتبة الشرف. وتقدمت لنيل درجة الدكتوراه في جامعة ليستر البريطانية، حيث تركز أبحاثها على جرائم ذوي الياقات البيضاء والفساد.

خبرة دولية وإقليمية

شغلت سو إلين منصب المدير العام للشؤون القانونية لشركة توتال الفرنسية لخدمات البترول والغاز الطبيعي في مصر، وهو موقع أتاح لها خبرة واسعة في التعامل مع قوانين التجارة والطاقة والاتفاقيات الدولية. كما عملت في مؤسسات كبرى، أكسبتها رؤية شاملة عن علاقة القانون بعالم الاقتصاد والاستثمار، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي.

ولم تقف مسيرتها عند حدود الشركات، بل اختيرت كباحثة قانونية في محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية في لاهاي، ضمن برنامج بحثي أطلقته الجامعة الأمريكية بالقاهرة، قضت خلاله ستة أشهر وسط نخبة من قضاة وخبراء القانون على مستوى العالم، تلك التجربة منحتها بعدًا دوليًا أوسع، ورسخت شغفها بقوانين فض المنازعات الدولية وجرائم الفساد.

تشغل د. سو إلين اليوم منصب المدير القانوني وعضو مجلس الإدارة بمجموعة الفطيم – مصر، بعد رحلة مهنية غنية تنقلت خلالها بين كبرى الشركات العالمية مثل لافارج، هاينيكن، توتال إنرجي، واتصالات مصر، لتصبح واحدة من أكثر الشخصيات القانونية تأثيرًا في قطاع الشركات، وفي كل موقع تولته، تركت بصمة واضحة من خلال ترسيخ قيم الحوكمة والامتثال، وربط القانون بالتنمية الاقتصادية.

محامية وناشطة

لا يُمكن أن تُذكر سو إلين دون التوقف أمام نشاطها المتواصل في قوانين العمل، فض المنازعات الدولية، وجرائم الفساد. فهي ليست مجرد محامية تنفيذية، بل متحدثة وناشطة قانونية بارزة في المنتديات والمؤتمرات، حيث تمثل صورة المرأة المصرية القادرة على التعبير عن قضايا وطنها ومجتمعها بلغة القانون.

ولم يقتصر دورها على المناصب التنفيذية، بل امتد إلى المجال العام، حيث اختيرت كأول سيدة في مصر تشغل منصب عضو مجلس الأمناء لهيئة الرقابة المالية في منازعات غير مصرفية، إضافة إلى تعاونها مع هيئة الرقابة الإدارية في صياغة وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وهو ما جعلها نموذجًا يُحتذى به للمرأة المصرية التي تخترق المجالات الصعبة بثقة واقتدار.

مؤسسة لخدمة المجتمع

إيمانًا منها بأن دور المحامي لا يقتصر على قاعات المحاكم، أسست “مؤسسة سو إلين للتنمية القانونية“، وهي منظمة غير حكومية غير هادفة للربح. هدفها نشر الثقافة القانونية، محو الأمية القانونية التي يعاني منها المجتمع، وتمكين الشباب عبر برامج تدريبية وورش عمل ومبادرات مجتمعية.،بهذه الخطوة، حولت رسالتها القانونية إلى مشروع وطني وإنساني له أثر مباشر في حياة الناس.

ولأن التميز لا يمر دون تقدير، فقد نالت تكريمات رفيعة، كان أبرزها إشادة رسمية من رئيس مجلس الوزراء على جهودها في مكافحة الفساد، وهو اعتراف بجهد متواصل وعمل شاق أثبت أن المرأة المصرية قادرة على أن تكون في الصفوف الأولى لصناعة القرار

المناصب والخبرة

المدير القانوني وعضو مجلس الإدارة – مجموعة الفطيم (مصر).

المدير التنفيذي القانوني (CLO) – لافارج للإسمنت سابقًا.

مناصب سابقة: المدير التنفيذي القانوني في هاينيكن مصر، المدير القانوني لـ TotalEnergies مصر، مستشار قانوني في اتصالات مصر، GC في داماك، وSenior Counsel في سيتي ستارز.

مؤسسة ورئيسة “Sue Ellen Foundation for Legal Development” للتطوير القانوني.

أدوار عامة وتنظيمية

خبير قانوني بمجلس الأمناء في هيئة الرقابة الإدارية وعضو بمجلس إدارة/أمناء الرقابة المالية (منازعات غير مصرفية)، وتعد أول سيدة في مصر تتولى هذا الدور.

التعاون مع جهات حكومية في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.

قصة سو إلين حسونة هي قصة كفاح امرأة مصرية لم تكتفِ أن تكون مجرد محامية، بل قررت أن تكون رمزًا للإصرار والنزاهة والتأثير. من الإسكندرية إلى لاهاي، ومن مدرجات الجامعة إلى مجالس الإدارة، أثبتت أن المرأة المصرية قادرة على أن تكتب اسمها بأحرف من نور في واحدة من أصعب المهن وأكثرها تعقيدًا.