عاجل
الثلاثاء. يونيو 10th, 2025

سلاح التشتيت والغموض..لعبة أمريكية أسرائيلية خطرة مصر تحذر : سنتحول من الصرامة إلي التصدي

إبراهيم ربيعإبراهيم ربيع 4, ديسمبر 2023 13:12:30
إبراهيم ربيع

الآن يجري استخدام أكثر الأسلحة ذكاء وخبثا في حرب غزة خاصة مع وصولها إلي جولة حاسمة في الجنوب..هذا السلاح لايطلق قذائف ولا صواريخ ولا حتي يصدر صوتا ،بل خطورته تأتي من صمته وغموضه بحيث لاتتعرف عليه إلا كما يعرف الأطباء السرطان بدون ألم المريض ..السلاح هو التشويش علي العقول ،فلا تستطيع أن تعمل أو تفكر أو تفهم مايحدث..ويشارك في تصنيع وتفعيل هذا السلاح متخصصون في الاستخبارات وفي أروقة وغرف السياسيين المغلقة..

التفكير مشترك بين أسرائيل وأمريكا والتنفيذ معظمه إسرائيلي وبعضه أمريكي..وفيه توزيع أدوار علي أعلي مستوي بحيث يشعر المتلقي من الأطراف الأخري انه في متاهة تؤدي به إلي توقع كل شئ وعدم القدرة علي تحديد وسيلة دفاعية محددة لشئ محدد..فنحن نري الآن تصريحات أمريكية شديدة النعومة تتوافق وتنسجم مع الرغبة العربية وخاصة المصرية منها ،بل تعلن بصراحة وحسم عن رفض كل مايرفضه العرب ..وفي نفس التوقيت وعلي النقيض تأتي التصريحات الإسرائيلية ومعها التطبيق العملي متسقتين علي الأرض..فتقدم دولة الخبث التاريخي عمليا مايناقض الرواية الأمريكية جملة وتفصيلا ..وهو مانعتبره مبدئيا التشتيت المركزي الذي يجعل الأطراف الأخري تائهة وعاجزة عن رد فعل أمام المشهدين المتناقضين ،بما يؤخر اتخاذ مواقف في توقيت يناسبها ولايناسب الآخرين..

وتمارس أسرائيل اللعبة بتوسع وتفاصيل أكثر..فهي توحي للعرب ولإعلامها الصهيوني في وقت معين أن أهدافها مرتبة هكذا..ثم في وقت آخر تطرح ترتيبا جديدا للأهداف وتظل متنقلة في تنويع أهدافها..ورأينا مؤخرا أنها أبلغت جيرانها صراحة بما اعتبرته هدف الحرب وله عندها أولوية علي رأس القائمة ،وهو فقط إنشاء منطقة عازلة بينها وبين غزة ،رغم أن القطاع كله عبارة عن شريط ضيق لاعمق له ولا يتحمل المزيد من التضييق..

وبعيدا عن غزة نفسها تلعب إسرائيل لعبة التشويش في تهديد الحدود المصرية بتوسيع المزيد من مساحة الغموض ..هي في السر وفي الخفاء تضغط علي أوروبا وأمريكا لاقناع مصر بمساهمة سيناء في حل المشكلة، وعندما يواجه الأوربيون والأمريكان طلبها وإلحاحها بالرفض القاطع تتحول إلي الميدان لتنفذ عمليا مايمكن فهمه بأن مسار الحرب كأنبوب معجون الأسنان تضغط عليه من أسفل ليخرج المعجون من أعلي..ضغطت في الشمال لكي يخرج الناس إلي الجنوب وستضغط في الجنوب لكي يخرج الناس ألي سيناء، بخاصية الضغط فقط وليس بقرار إسرائيلي..هؤلاء الفلسطينيون يحتشدون علي الحدود وعليهم التصرف بإرادتهم ويقررون إلي أين يذهبون ،لاأحد يجبرهم علي طريق معين..بينما العالم كله يعرف انه لاطريق آخر..والمفارقة أن العالم كله أيضا لايعرف ماهو رد الفعل إذا تحقق هذا الإحتشاد..هي تقريبا ”عقدة” الحرب كلها ..هي محورها وأولها وآخرها ودرة أهدافها الصهيونية..لكن إذا كانت أسرائيل وأمريكا تعتقدان أن مصر لاتفهم لعبة التشتيت والغموض فهما يقعان في خطأ جسيم ، ولو أنهما لم يستفيدا بمتابعة المرونة المصرية منذ أن إندلعت الحرب المصحوبة بالصرامة ،فإنهما سيقعان في صدمة عندما لايكون لمصر طريق آخر غير التحول من المرونة و الصرامة إلي التصدي.



اخبار مرتبطة