في مطلع الألفينات، من كان يصدق أن بمسحة إصبع يمكنك أن تتنقل بين المواقف والبلدان والأفلام والمسلسلات؟ إنه الموبايل، يا سادة! المهم، مع هذه المسحات، شاهدتُ مشهدًا من فيلم “أيام الغضب”، حيث يعود رجل من السفر ليجد زوجته قد تزوجت من رجل آخر، وأخذت كل أمواله، واشترت شقة باسمها. والمصيبة أن ابن عمه وعمه وزوجته هم من فعلوا به ذلك. فتهور الرجل وحاول قتل زوجها الجديد، فانتقل إلى القسم، ثم إلى مستشفى الأمراض العقلية للكشف عن قواه العقلية.
تذكرتُ ميزة العصر، فوجدت الفيلم كاملًا على اليوتيوب، فغصتُ في أحداثه. يصرخ البطل: “أنا مش مجنون، اسمعوني!”، لكن الجميع يأبى سماعه. زوج ابنة عمه، التي هي زوجته وطلقته غيابيًا بالتزوير، وصَّى عليه بخبث، ورشى مدير المستشفى بأدوية مخدرة. وعندما سمع الطبيب وأخصائية في المستشفى كلامه وتأكدوا من صحته، قرروا إخراجه، لكن الفساد وممثليه رفضوا ذلك. وكأن البطل وُظِّف في السيناريو ليكشف الفساد داخل المستشفى.
الفيلم يحمل أغنية “سلّمنا بقى على التروماي”، فقلتُ: كيف؟ فقد أزالوا الترام في الواقع! يناقش الفيلم قضايا واقعية، فيسافر الطبيب الكفء الحر تاركًا خطيبته بسبب الفقر والتخلف الإداري، وهذا مثال على هجرة الكفاءات. لكن خطيبته تملكت عزيمة التغيير واستمرت، فعانت. كما كشف الفيلم عن قضية سفر القاصرات للزواج في الخارج، والمخالفات داخل مستشفى الأمراض العقلية، التي تُستخدم كمأوى للتخلص من بعض المزعجين إداريًا.
الفيلم مليء بالإسقاطات على قضايا كبيرة، لكن ما جعلني أقف مذهولًا هي الكلمة التي قالها البطل في موقفين مختلفين: الأول عندما نزل من الطائرة عائدًا من السفر نهائيًا، والثاني في نهاية الفيلم عندما كان في سيارة الترحيلات بعد هروبه من المستشفى، وقتل زوجته المطلقة غيابيًا وزوجها بنفس السكين الذي قُتل به ممثل الفساد على يد مساعده داخل المستشفى. كانت هذه الكلمة: “مصر حلوة أوي من فوق”. كلمة تحمل ألف معنى. إذن، عليك أن تنظر من فوق حتى لا تكون مجنونًا بالصدفة.