عاجل
الأحد. يوليو 27th, 2025

القس د. جورج شاكر يكتب :سيمفونية الحب

العالم الآنالعالم الآن 4, نوفمبر 2024 10:11:51

 

أكثر من رائع أن نخصص يوماً في السنة للإحتفال بالحب، وإن كنت أرى أنه يجب أن نلون كل أيام العام، بل كل عمرنا بالحب الحقيقى.
فما أجمل المحبة فهى إلهية المنبع، وهى أم كل العواطف الجميلة، فكما أن قارورة الطيب الكثيرة الثمن هي خلاصة باقة كبيرة من الورود والزهور بعد أن يتم تقطيرها بطريقة علمية وكيميائية معينة، هكذا المحبة هى خلاصة مجموعة كبيرة من العواطف الحلوة، والمشاعر الرقيقة، والقيم السامية، والفضائل الرائعة متجسدة في قيمة واحدة هي قيمة ” المحبة” والتى أذكر من سماتها على سبيل المثال لا الحصر:

أولاً: الحب ثراء ورخاء
مال الدنيا مهما ملأ أيادينا بغير الحب لن يشبعنا ولن يروينا، ولكن لقمة بسيطة ومعها حب تسعدنا وتكفينا … حوار الحب يبنينا ويحمينا، وبدونه رحلة الحياة تؤلمنا وتشقينا … الحب في أحزاننا يواسينا ويعزينا، وفي أفراحنا يجعل البهجة تفيض فينا … سراج الحب يرشدنا ويهدينا، وبدونه تتوه أقدامنا في وادينا.
كم من أناس يظنون أنه بالمال يمكنهم الوصول إلى كل شيء، لذا يعملون أى شىء للحصول عليه… وفي النهاية يجدوا أنفسهم أنهم قد وصلوا، إلى دائرة العار والمرار والدمار.
لكن الحب هو الذى يثرينا ويحقق أمانينا، ويلون بالسعادة أيامنا وليالينا، حقاً! عندما ينفذ رصيد المحبة في شركة العلاقات الإنسانية، تُشهر إفلاسها.
وثراء المحبة يعطينا قوة خاصة نستطيع بها أن نهزم أشرس الأعداء، فلن ينهزم عدوك ولن يستسلم إلا إذا أشهرت في وجهه سلاح المحبة، فالمحبة قادرة أن تحول الكراهية والخصام إلى مودة وسلام.
نعم! جميلة هي المحبة هي اللغة الوحيدة التى يسمعها بوضوح الأصم، ويقرأها بسهولة الأعمى، ويتحدثها بطلاقة الأبكم
ثانياً: الحب تضحية وعطاء
جدير بالذكر أنه يمكنك أن تعطى دون أن تحب، لكن مستحيل أن تحب دون أن تعطى، ولكن الجدير بالملاحظة هو أنه ليس المهم كم تعطى، ولكن المهم هو مقدار الحب الموضوع في عطيتك وخدمتك للآخرين.
والحقيقة التى لا يشوبها أدنى شك أن بذار المحبة تنمو في أية تربة سواء أرض جيدة، أو أرض محجرة، أو أرض مليئة بالأشواك، وتنمو بذور المحبة في كل فصول السنة في أى مناخ … لكن قد لا تعطيك المحبة ثمراً تأكله، وإنما وروداً تزين حياتك وتبهجك، والمحبة مهما أعطت تشعر بالتقصير، وتشتاق لوكان رصيدها من الإمكانيات أكبر لتعطى أكثر مما أعطت.

ثالثاً: الحب إخلاص ووفاء
لقد علمتنا مدرسة الحياة أن الصديق المحب النافع هو الذي يهمه أن يكون معك، بغض النظر عن ما معك، أما الصديق النفعى يهمه ما معك أكثر من أن يكون معك.
نعم! مَنْ يعيش محباً لذاته يسطر بيده شهادة وفاته، أما مَنْ يعيش محباً لغيره يحيا في قلوب الآخرين بعد مماته، ولا يقاس الحب والوفاء بما يقال لك في حضورك، وإنما بما يقال عنك في غيابك.
الحب يجعلك ترى الحياة أجمل، ويجعلك تواجه متاعب الحياة ومخاوف الزمن بثبات وثقة وسلام، لأن الحب بإيجاز هو أن تستيقظ في كل صباح جديد وأنت على يقين أنك لست وحدك في ذى الحياة، وإنما توجد قلوب تنبض بالحب والوفاء لك.
وفي تقديري أن أعظم هندسة في الوجود هى أن تبنى جسراً من الحب بينك وبين الآخرين، وأن تعيد بناء صرح الثقة التي دمرتها أسلحة الحقد والكراهية، وأن تشيد معبراً من الحب والوفاء على بحر الجحود والنكران، والحب الحقيقي النابض بالوفاء لا يجعل الإنسان يخاف من أخيه الإنسان بل يخاف عليه… نحن نريد حباً يمحو الإساءة، ولا نريد إساءة تمحو الحب.
نعم! جميلة هي المحبة لنجعلها شعارنا، ونغنيها نشيدنا، ونملأ منها حياتنا.

…………….

الدكتور القس ﭽورﭺ شاكر
نائب رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر


#العالم الآن alalamalan #العالم الآن الإخبارى #القس د. جورج شاكر يكتب :سيمفونية الحب

اخبار مرتبطة