هل مواقف العرب والمسلمين من تدمير إسرائيل لقطاع غزة طبيعي أم مفاجأة أم حسابات خارج الصندوق؟..أظن أن الإجابة تنفي كل ذلك ولاعلاقة لها بأي منطق ..ويبدو من التاريخ الممتد لمئات السنين أنها عملية ”وراثية” في الجينات العربية..وببساطة يمكن رصدها دون الاستعانة بخبراء أو محللين من طراز الاستراتيجيين ..
فبعد نبينا العظيم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وبعد الخلفاء الراشدين ،رصدت أحداث التاريخ الميلاد المبكر لشهوة السلطة التي أدت بدورها ألي مساعدة الأعداء مجانا علي الانتصار وعلي هزيمة العرب والمسلمين..ساعدنا الأعداء منذ ان اندلعت فتنة الخلافة وراح ضحيتها أقرب الناس ألي الرسول ،علي بن أبي طالب ،وماواكب موقعة الجمل ثم استشهاد الحسن والحسين علي أيدي مسلمين في عصر مبكر من الإسلام..
ولاتغيب عن ذهن وقلب وعقل العرب والمسلمين ضياع دولة الأندلس بعد ٨٠٠ سنة بسبب صراع أمراء الطوائف الذين ساعدوا أعداءهم من الديانات والأعراق الأخري علي هزيمة الوجود الإسلامي في قلب أوروبا والإجهاز علي الإمبراطورية الإسلامية تماما..
ولن ينسي أحد ماحدث خلال حكم الدولة الأموية ..وماكان يفعله الحجاج ابن يوسف الثقفي الذي ضرب الكعبة بكتل النار..
وخذ عندك غرابة أن يقتل الظاهر بيبرس السلطان قطز بعد الانتصار معا علي المغول مباشرة في المعركة التاريخية الشهيرة عين جالوت.
وللأجيال الحديثة العهد بغرابة فكر وسلوك العرب ..ماكان منهم من مواقف ضد العراق في الحرب مع إيران..ولن اتحدث عن مواقع النزاع الحساسة في كل منطقة عربية يستفيد منها الأعداء من المغرب إلي المشرق ..بل كلما تجمعت عناصر التوحد في منطقة جغرافية زادت الخلافات والنزاعات والإنقسامات ..ناهيك عن العلاقات السرية والتواصل الخفي مع أعداء لايختلف علي خطورتهم أحد..
هناك العديد من أفرازات التوريث الجيني والانتظار الذاتي للعرب والمسلمين، المثيرة للسخرية التي أتاها النداء الشهير ”ياأمة ضحكت من جهلها الأمم” لأنها واكبت كل التحديات الكبري مع الأعداء التي كانت تستوجب التوحد لا التفرقة ..
والآن عليك أن تسأل السؤال المخفي في أعماقنا والذي لايريد أن يظهر في العلن ”هل هناك من العرب من هم لايكترثون بما يحدث للفلسطينيين علي يد الصهاينة في غزة والضفة؟..وهل فعلا هناك منهم من ينتظر بلهفة القضاء علي المقاومة ثم زيادة وتيرة التطبيع مع الكيان المغتصب دون أن يكون لديهم أية حسابات صغيرة تنبههم إلي أن دورهم سيأتي !!..طبعا من الصعب إطلاق الأسماء والهويات لكن الأغلبية تعرف وتستغرب وتضرب كفا بكف عجبا من هؤلاء الذين لايقرأون التاريخ ولا يفكرون في عمق الأشياء وينجرون جرا ألي وراثة استراتيجية خدمة الأعداء وتعتقد قياداتهم الآن أن خدمة بلادهم لاتتجاوز مجرد البحث عن مشاريع اقتصادية تدر أرباحا وموارد ينتفخ بها الجسم العربي دون ان تكون له أنياب ولا مخالب ،فتصير النتيجة الحتمية أن هذا الجسم السمين الملظلظ ينفجر مع أول رصاصة في أحشائه..هي عمليات انتحار متتالية علي مدار التاريخ ليس لها من نهاية..
.