وأول المشوار هنا هو أول خطوة رسمية شرعية قانونية لزواجى تشهر هذا الارتباط بحقوقه وواجباته وتبعاته أيضا حتى إشعار يعلمه الله ىحده.
السبت الموافق السادس من سبتمبر عام1986،هكذا كان الزمان. وكانت اللقطة الأولى فى منزل أسرة زوجتى الريفى بقرية ميت عنتر بالدقهلية، هناك كان المكان. وسبقتها اللقطة الأخرى فى عصر ذات اليوم لكن المكان كان بقريتى الحبيبة نكلا العنب فى منزل عمى وأستاذى الراحل محمود مع الخال محمود رحمهما الله رحمة واسعة.
أما الحضور بلقطة عقد القران فهو مأذون القرية الشيخ إبراهيم ذو الجلباب الأبيض ـ ولست أذكر بقية الاسم على وجه التحديد. يحيط بى وبه اثنان من أعز الناس أولهما الخال محمود وهو يوقع شاهدا على العقد يتابعه المأذون والآخر والد زوجتى الطيب ووكيلها فى العقد، رحم الله الجميع، والطريف أنه كما كان شاهدا على زواجى كان أيضا قبلها بتسعة وعشرين عاما أى عام 1957وكيلا لوالدتى فى قسيمة زواجها من والدى. أما أنا فى ذات اللقطة فكنت قد وقعت وتابعت خالى وهو يوقع شاهدا على صك انتقال حريتى الشخصية إلى شركة مساهمة مع زوجتى قوامها شخصانا ورأس مالها حريتى وحريتها لصالح من رزقنا الله من ذرية وتربيتهم ومستقبلهم.. هى لقطة تتعدى أعواما سبعة وثلاثين وتثير فى النفس شجونا وذكريات، أهمها لقطة اجتماع الخال ووالد الزوجة رحمهما الله،ولكل منهما قدره فى النفس.
أما الخال محمود فكان يحمل ثلاثة أسماء، فاسمه الرسمى عبدالحميد قنديل واسمه الشائع هو محمود واسمه لدى بعض أفراد العائلة هو محيى. كان رحمه الله ممن لاينساه من تعامل معه وعرفه عن قرب، صحيح أن الأماكن قد باعدت بيننا مابين سنوات عمله بالسعودية ثم العودة إلى الاسكندرية مقر عمله وسكناه فى منطقة سيدى جابر ، وأنا قد تفرقت اقامتى مابين القرية ثم القاهرة، وفى كلٍُ كانت لقاءاتنا متفرقة متباعدة تحكمها المناسبات العائلية والاجتماعية، لكن شعورا طاغيا كان يحكم علاقتى به وأنا أراه يجمع بين الحزم إلى حد الصرامة فى غير غلظة والطيبة إلى حد اللين فى غير تفريط.كان رحمه الله يذكرنى بأبى رحمه الله فى مواقف متشابهة وفى تطابق اسميهما«عبدالحميد» واختلفا فقط فى اسم الشهرة فوالدى كان مشهورا فى العائلة بمسمى «عبده»، بينما اشتهر خالى باسم محمود أو محيى لدى بعض أفراد الأسرة. وتطابق اسم والدى واسم خالى لم يكن محض صدفة بين عائلة والدى وعائلة والدتى فأسماء أعمامى وأخوالى تكاد تكون متطابقة فالعم صلاح الخولى يقابله الخال صلاح قنديل، والعم السيد الخولى يقابله الخال السيد قنديل والعم محمود الخولى يقابله الخال محمود قنديل بمسماه الشائع والعم محمد نجيب الخولى ـ اسم مركب تيمنا برئيس مصر محمد نجيب وقت ولادة عمى مع قيام ثورة يوليو ـ يقابله الخال محمد والوالد عبدالحميد الخولى يقابله الخال عبدالحميد قنديل بمسماه الرسمى، ويبدو من هذا التقابل فى الأسماء قدر الحب من جدى لوالدى رشاد تجاه جدى لوالدتى قنديل فالأخير هو خال الأول رحمهما الله رحمة واسعة. وكم حكى لى والدى عن مواقف من الخال قنديل تجاه ابن الأخت رشاد وأولاده عطفا ومؤازرة فى الشدائد..
الخال محمود أو عبدالحميد أو محيى رغم بعد المسافات المكانية وسفره للسعودية فترة إعارته كمدرس للعمل هناك وزواج ابنته الكبرى من سعودى واستقرارها هناك، أو سفره للولايات المتحدة الأمريكية فترة من الزمن طرف ابنته الثانية التى تزوجت أيضا هناك ـ إلا أننا فى لقاءاتنا القليلة نوعا ما كنت أستشعر تجاهه حبا ممزوجا بالاحترام وأستشعر فى نفسى بعض ملامحه النفسية والعقلية ولا أنسى نظرتى الأخيرة عليه يوم وفاته بأحد مستشفيات الاسكندرية وهو ممدد مسجى مطمئن الملامح تعلو وجهه ابتسامة كانت ترتسم والروح تصعد إلى بارئها، ووداعه حتى دفنه بمقابر المندرة الصغيرة المتراصة والمتزاحمة،ووقفت أقرا له ماتيسر من القرآن وأدعو له بالرحمه وهو يستقر بتراب مقبرته هناك..رحمه الله.
ويبقى الحديث عن والد زوجتى رحمه الله فإلى تكملة ذكريات هذه الصورة بإذن الله.
