بقلم الدكتور حسين المقداد أستاذ القانون الدستورى بجامعة حلوان
لطالما راعت مصر التزاماتها الدولية عملاً بقواعد القانون الدولي- من ناحية، ونزولاً على مكانتها الإقليمية والدولية التي تجعلها حرية بالظهور كواحد من أهم الشركاء الفاعلين في المنطقة العربية والعالم بأسره- من ناحية أخرى.
ومن أهم مظاهر هذا الالتزام ما تكفله الدولة المصرية من حماية وتأمين لمقار السفارات الأجنبية على أراضيها، وهذا ليس بجديد على مصر إذ تولي الأجانب معاملة لائقة تليق بمكانتها التاريخية وموقعها كوجهة سياحية إقليمية وعالمية، حتى استيقظ المصريون على مشهد غير مألوف، تمثل في قيام بعض الخارجين على القانون بالاعتداء على بعض سفاراتنا بالخارج، وليس الإشكال في ذلك فحسب، بل في موقف حكومات هذه الدول من هذه الاعتداءات؛ إذ فوجئنا بتبريرات فارغة من بعض الحكومات تحت ذريعة التعبير عن الرأي، ولا أعرف أي رأي يقصدونه؟! هل يقصدون حماية الآراء المناهضة لاستقرار الدولة المصرية؟! بل هل يرعون أصحاب هذه الآراء بينما يعلمون يقينًا كم العداء الذي يضمرونه للدولة المصرية؟! لا شك أن موقف هذه الحكومات لم يكن مبررًا من أي وجه، إلا وجه التحريض على الدولة المصرية.
لذا، كان من البديهي، لدولة بحجم مصر، وهي التي علمت أكثرية الدول أصول الدبلوماسية إذ تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، أن تعيد قراءة مبدأ المعاملة بالمثل على أسماع هذه الحكومات التي تكررت ممارساتها العدائية تجاه الدولة المصرية، فبادر وزير الخارجية البطل بتوجيهات لسفراء مصر بالخارج- أقل ما يقال عنها أنها تعكس مكانة مصر في محيطيها الإقليمي والدولي، وأصدر وزير الداخلية البطل تعليماته بإزالة الحواجز الأمنية من محيط بعض السفارات التي أخلت بالتزاماتها الدولية في تأمين سفاراتنا بالخارج، ليؤكدان للعالم بأسره أن مصر تعرف معنى المعاملة بالمثل، وتمتلك القوة اللازمة لإنفاذ إرادتها في هذا المضمار، وليقر خاطر المصريين بأن لهم دولة تُعامِلُ بالمثل- تعرف ما لها فتأخذه، وتعرف ما عليها فتؤديه، وتبرهن بين الفينة والأخرى على أن ثقلها السياسي يضارع الكبار.