في زمنٍ تصدّر فيه “الترند” مشهدنا اليومي، لم يعد من الضروري أن تمتلك موهبة حقيقية أو تقدم محتوى نافع لتصبح نجمًا . يكفي فقط أن تثير الجدل، تكسر الخطوط الحمراء، أو تتاجر بالذات والجسد والشعارات الكاذبة.
وهنا برزت فئة جديدة من مدّعي الشهرة، تحت مسمى “بلوجر” أو حتى “مذيع او مذيعة”، بينما هم في الحقيقة لا ينتمون لا إلى الإعلام ولا إلى التأثير الحقيقي.
اليوم، نشهد تحولًا رقميًا خطيرًا ، إذ صار من المعتاد أن نرى “بلوجرز” يبيعون الوهم للمراهقين .
و”مذيعات” تستخدمنَ
لهجة سوقية ويستعرضن مظاهر الثراء الفاحش بلا مضمون ولا مسؤولية.
و بعض “المذيعات” تستضفنَ هؤلاء البلوجرز على أنهم نجوم يُضفنَ للمجتمع ، بينما الحقيقة أنهم يسرقون وعي الناس، ويزيّفون الواقع بدلًا من نقله.
لا رسالة، لا مهنية، لا قيم. فقط فوضى بصرية وسلوكية، تروّج لنمط حياة خادع، يشجع على التفاخر والانفصال عن الواقع، ويكرّس ثقافة “الشهرة بأي ثمن”.
والكثير من البلوجرز اليوم لا يقدمون شيئًا سوى تصوير أنفسهم في المطاعم ، أو غرف النوم ، أو على الشواطئ . يسوّقون أنفسهم كرموز للنجاح ، بينما هم في الحقيقة يعتمدون على محتوى مكرر مبتذل، ومستفز وربما مسيء.
والأسوأ أن بعضهم انخرط في عالم غسيل الأموال والتهرب الضريبي، كما كشفت قضايا مثل:
قضية “شاكر محظور”
“سوزي الأردنية”
“مداهم”
وغيرهم ممن استغلوا المنصات للثراء السريع، لا للتأثير الإيجابي.
ونرى أيضًا فئة من “المذيعات” على بعض القنوات أو المنصات ، لا يختلفون في الطرح عن البلوجرز أسلوبهن ومظهرهن بعيد عن المهنية
في الماضي، كانت مذيعات الجيل القديم يظهرن على الشاشات في منتهى الحشمة والوقار.
كانت هيبة الشاشة تفرض على المذيعة أن تكون رمزًا للثقافة والرقي، في الملبس والكلام والمحتوى.
لم يكن الهدف أن تصبح تريند، بل أن تترك أثرًا .
لم تكن الشهرة هي الغاية، بل إيصال المعلومة بدقة واحترام عقل المشاهد.
أما اليوم، فالكثيرات يظهرن وكأنهن في منافسة على الأزياء أو “اللايكات”، لا على المهنية ولا على التأثير الحقيقي.
فاختلطت المفاهيم، وضاعت القيم بين محتوى فارغ ، وابتسامات مزيفة، ورسائل بلا مضمون.
مذيعات يستخدمن الشاشة كمرآة للغرور والاستعراض، لا كمنبر لخدمة الناس.
والنتائج الكارثية:
تزييف الوعي وتسطيح اهتمامات الشباب .
تشجيع الفتيات على تقليد نماذج ضارة .
إضعاف الثقة في الإعلام الجاد والمؤثرين الحقيقيين .
انخراط البعض في شبكات مشبوهة تُمَوَّل عبر “اقتصاد رقمي مظلم” .
لابد من رقابة حقيقية على منصات التواصل من حيث التمويل والمحتوى
إعطاء الفرص الحقيقية للشباب أصحاب الرسالة والمحتوى الهادف
استعادة مكانة الإعلام ، ودعم الموهوبين الحقيقيين
في النهايه .لسنا ضد الشهرة، ولا ضد الحرية الشخصية. نحن ضد الشهرة الفارغة، وضد المحتوى المدمر الذي يُغلّف ببريق السوشيال ميديا.
المجتمع اليوم بحاجة إلى صوت عاقل، وإعلام نظيف، ومحتوى ينهض بالناس… لا يستهلك عقولهم..