نستيقظ اليوم على فيديوهات من أديس أبابا توثِّق فيضانات ناتجة عن أمطار صيفية، ليعود سد النهضة من جديد إلى صدارة المشهد. وقد صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إمكانية حل أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا.
نهر النيل يجري منذ آلاف السنين، وبصراحة، لم أَخفُ يومًا من جفاف أو عطش، حيث يُقال إن نهر النيل من الجنة أو أنه مستمر بفضل الله. لكن الخوف، كل الخوف، من عدم الاستعداد في حال انهيار سد النهضة. هنا يدق ناقوس الخطر؛ فسد النهضة عبارة عن قنبلة مائية تدميرية عالية.
إذن، ما الحلول؟
نحن بحاجة إلى خطة طوارئ شعبية مُعلنة، وتدريب حقيقي. كيف؟
أولًا: مراقبة السد عبر الأقمار الصناعية، بخلاف الاتصال الدبلوماسي اللحظي.
ثانيًا: تحضير القنوات والمصارف والخزانات والقناطر، والتهيئة الكاملة للسد العالي وبحيرة ناصر. لا أريد التطرق للنواحي الفنية الدقيقة، لكن يجب فتح أماكن صحراوية في الجنوب، وإنشاء بوابات على جانبي النهر تمتد إلى الصحراء مباشرة، عبر شق ترع ولو بسيطة.
ثالثًا: تهيئة شبكة مواصلات لنقل المواطنين من جنوب مصر إلى أقرب نقاط أمان، فالموضوع جد خطير، ومعدل الأمان للسد ضعيف، والجميع يعلم موضع الخطر.
رابعًا: تهيئة شبكات الاتصالات بخطوط طوارئ لطمأنة المواطنين، وتفعيل الرسائل المباشرة، وخلافه. كما يجب تدريب الإعلام على هذه الخطط ومناقشتها. ويُقال: “لا قدّر الله، ماذا لو حدث كذا؟” ويبدأ الحديث لا للخوف، بل لتفادي أي خسارة من أي نوع.
الولايات المتحدة لديها كوارث طبيعية كثيرة، كالأعاصير والفيضانات، ويتم التعامل معها بالتنبؤ والخطط الوقائية، مما يقلل من معدلات الخسائر. لذلك، يجب علينا إعداد خطط طوارئ كاملة ومتكاملة، ونتعلم جميعًا مما حدث في واقعة سنترال رمسيس.
كما يجب أن تشمل الخطط مدىً قصيرًا وآخر بعيدًا.
خامسًا: وليكن من ضمن الحلول تصريف مياه النيل الزائدة إلى منخفض توشكى، حيث يُعاد تشغيله بقوة لتصريف المياه الزائدة من جديد، وأيضًا منخفض القطارة.
الأمر صعب، ولكن ممكن، عبر إنشاء قناة اتصال على طريق الضبعة، حيث توجد ميزة هندسية: فذلك المنخفض يقع على عمق ١٣٣ مترًا تحت سطح البحر، ما يعني أن المياه ستجري في هذا النفق أو الترعة الصناعية الكبيرة بسهولة بفعل الجاذبية.
أكرر: الموضوع جد خطير، ويجب وضعه في الحسبان، فسد النهضة يقع في إقليم بني شنقول – قمز، غرب إثيوبيا، على بُعد حوالي 15–20 كم من الحدود السودانية. وتُعد المنطقة جزءًا من الصدع الإفريقي الشرقي، وهي من أكثر المناطق نشاطًا زلزاليًا في القارة الإفريقية، وقد وقع زلزال مؤخرًا في نفس المنطقة.
إضافةً إلى ذلك، هناك صور عبر الأقمار الصناعية تُظهر هبوطًا غير متساوٍ في جسم السد، مع شقوق محتملة على الجوانب.
في الختام: هذه ليست كمية أمطار بسيطة ستنتهي خلال يومين، بل إن هذا السد هو أكبر قنبلة مائية تدميرية في العالم. لذلك، يصبح الموضوع غاية في الخطورة والتعقيد، عندما لا ننتبه إلى ناقوس الخطر.