يولد الإنسان لا يعلم في دنياه شيئًا. يبدأ الوالدان بتعريفه بأعضائه: اليد، والعين، وهكذا، ثم كيفية استخدامها، ويغرسون فينا ما تربَّوا عليه من الدين والقيم أياً كانت. ولكن تكبر ويزداد عمرك، ولا تعلم كيف تحدِّث نفسك، أو كيف تشبع رغباتك، أقصد هنا عقلك. تبحث في ذاتك عمّا تحب وتفعله.
من خلال ما أراه، أن كل إنسان عمل ما أرادت به نفسه أو ما آمنت به النفس، يظهر عليه الصدق والتصديق والإنجاز فيما أحب. لا أقصد أن يكون لأي منصب اجتماعي ليقول الناس: كذا أو كذا، أقصد أن تفعل عملاً تجد نفسك فيه.
يقولون: ابحث عن موهبتك ونمِّها. لِمَ لا نفعل ذلك مع الأبناء؟ نستشعر ما يحبه الطفل. ماذا لو أن غالبية المجتمع تعمل بموهبتها؟
أسمعك يا مَن تقول: هي ليست بالمواهب وإنما بالمؤهلات. أقول: العالم أصبح قرية صغيرة. من منا كان يتصور هذا الكم الهائل من التكنولوجيا؟ إذن، عند معرفة الموهبة، لا بد من توظيفها.
ابنك يرسم كأنه رسام؟ اعرف نوعية الرسم ووجِّهه. أو له قدرة على التعبير غير عادية؟ ماذا لو كان إعلاميًّا في أي قطاع؟ أو ابنك يفكك اللعبة ويركبها؟ أو أو أو…
هذا يلزمنا بمتابعة المواهب، ليس على مستوى الأسرة فقط، بل المجتمع أيضًا، وألا يُفرَض الاحترام على مهن دون أخرى، أو يُحدَّد رُقيّ الفرد بمجرد مهنة معينة، ولكن احترام الفرد بمعاملته للآخر ومدى حبه واحترامه لمهنته.
وينبغي أن تكون هناك منظومة رسمية من الدولة لاكتشاف المواهب وتوظيفها. وماذا لو لم يحدث هذا؟ أقول لك: ابحث في نفسك، اكتشفها من جديد، كنتَ في الثلاثين أو الأربعين أو أكثر. تأكد: لو تم استغلال هذه الموهبة المدفونة ستجد نفسك، والمال سيأتي فيما بعد.
وهذا ليس على مستوى العمل فقط، بل في كل معاني الحياة. خالق هذه النفس قد أقسم بها. عوالم خفية بأعماق النفس. وقد أمرك الله بالتفكّر في خلقه، فكيف لا تبحث داخلك عمّا تريد؟ فحين تجد نفسك ستجد كل شيء.
إيميل الكاتب: kemoadwia@yahoo.com