عاجل
الثلاثاء. سبتمبر 16th, 2025

هيام فايز تكتب :”الطلاق العاطفى”..وجع صامت تحت سقف واحد

العالم الآنالعالم الآن 28, يونيو 2025 13:06:27

تعانى الكثير من الأسر المصرية من ظاهرة جديدة يطلق عليها”الطلاق العاطفي” الذى بدأ يتسلل ببطء للمجتمع المصرى وعلى الرغم من أن هناك الكثير يرى فيها بديل للطلاق الرسمى وتشتيت الأبناء، إلا انها تمثل وجعا خفياً، تعيشه الكثير من البيوت يوميا دون أن تنتبه.

فظاهرة “الطلاق العاطفى”هى بديل للطلاق الرسمى ولا تحدث بين ليلة وضحاها، وانما هى نتاج لمحاولات كثيرة للحفاظ على الكيان الأسرى وبخاصة مع وجود أبناء، فبعد مرور سنوات من الزواج ونشوب خلافات زوجية يستحيل معها الإستمرار يكون الطلاق العاطفى هو الحل.

وعلى الرغم من وجود خلافات بين الرجل والمرأة منذ القدم إلا ان الرجل لم يفكر فى نفسه وينطوى عليها وينعزل عن زوحته وأسرته بل كان يحتوى عائلته بحب ويقدر طبيعة المرأة ويجيد العزف على أوتارها،كما ان المرأة كانت تحاول إيجاد اى نقطة التقاء لتظل متمسكة بزوجها.

أما الان ومع تزايد ضغوط الحياة ونشوب مشكلات زوجية شبه يومية نتيجة اختلاف الطباع وعدم قدرة الرجل والمرأة على التعايش معا ،ومع محاولات تقريب وجهات النظر والفشل فى التفاهم بينهما، يعيشان معا علاقة جافة تجعل هناك وجعا صامتا تحت سقف واحد.

هذه العلاقة هى ما يطلق عليه “الطلاق العاطفى”فبدلا من الذهاب للمأذون للطلاق الرسمى وتشتيت الأبناء أصبح”الطلاق العاطفى”حلا ولكن أكثر وجعا وسلبا للحياة من البيوت ،فالطلاق العاطفى”يجبر الزوجان على العيش معا تحت سقف واحد ولكن بدون كلمة حنونة، ولا نظرة طيبة، ولا سؤال صادق عن الحال.

ومع إفتقاد الحوار بين الطرفين واللحظات الرومانسية يتولد مع الوقت إحساس بالكره فكل طرف يفتقد شريك حياة ولهذا تكثر المشاجرات وتؤثر على الأبناء ويصبح الأمر أكثر تعقيدا عندما يسعى كل طرف للمزايدة على الطرف الأخر والتجريح فيه لإستقطاب الأبناء.

ولعل هذا النوع من الطلاق يولد دافعا قويا للخيانة وبخاصة ان الزواج أساسه المودة والرحمة وغيابهما يجعل العلاقة جافة وأشبه بالجحيم ويجعل الرجل والمرأة يبحثان عن ما ينقصهما من مشاعر ومتطلبات فى الخارج.

ان الطلاق العاطفى يؤثر سلبا على الصحة النفسية، ويجعل القلب يقسو تدريجيا دون وعى ،فهو يتسلل تدريجيا الى العلاقة الزوجية مع تزايد حجم المشكلات الزوجية وتراكمها دون إيجاد حلول لها.

فيصبح الحديث سطحيا، والكلمات معدودة وجافة
والاهتمام مفقود واللمسة الحانية تتلاشى، والإعجاب منعدم.

وكل طرف أصبح يهرب من واقعه المؤلم بطريقته: إما ينغمس فى الشغل، أو المحادثات التليفونية، أو حتى بالنوم الطويل.،وأصبح الشعور بالوحدة هو الرفيق، حتى فى حضور الشريك.

ان الطلاق العاطفى عبء نفسي، يتطلب دعما لأن الاستمرار على هذا المنوال يؤدي لانطفاء داخلي، ويجعل كل طرف يشعر ان وجوده ليس له معنى والأخطر عندما يشعر كلا الزوجين أنهم غير محبوبين، ولا مسموعين ولا يوجد من يشعر بهم.

كل شرخ بالعلاقة يبدأ من كبت مشاعر حزن أو كلمة لم تقال، أو عتاب لم يتم . فيشعر الشريك بالألم،ولكن فى صمت ويشتاق، ولكن لا يعبر عن ذلك. وهكذا بيبدأ الطلاق العاطفي.

فعندما يشعر الإنسان بالتعب ولا يجد حضن يحتويه وعندما يتحول الحوار الى أوامر، وتبرد المودة،كل هذه تراكمات صغيرة، ولكن لها مفعول كبير. وتجعل الزوجان لا يتذكران الأشياء التى أحبوا بعضهم من أجلها.

وهنا يجب ان يحاول الزوجان إعادة التوازن والدفء المفقود فى العلاقة ويمكنهم الذهاب لإستشارى علاقات أسرية ليساعدهم على إعادة التواصل مرة أخرى وخلق هدف وغاية للحياة تستحق المحاولة من جديد ومنح فرصة أخرى للتفاهم وإستعادة التواصل من الصمت للحوار ،ومن التباعد للتقارب.

ان مواجهة الطلاق العاطفي تكون بالهدوء، والصدق، والمبادرة ،وأول خطوة هي الاعتراف بأن هناك خطأ ويتطلب فتح حوار حقيقي.

ويجب تخصيص وقتا أسبوعيا بين الزوجان للحوار بدون هواتف مع الإحتفاظ بدفتر مشترك لتدوين المشاعر والأفكار، حتى لو بكلمة.

ان استرجاع لحظة حب، أو ذكرى فيها ضحكة مساء كل يوم، أو لحظة صادقة نقول فيها كلمة حلوة.
ومحاولة ترتيب مشاعرنا، ومحاولة كل طرف فهم احتياجات الطرف الأخر، سيعيد للعلاقة الزوجية تماسكها وتوازنها مرة أخرى.

فضلا عن ان الفضفضة بين الشريكين لها مفعول السحر فهى تخفف الضغوط وتحسن الصحة النفسية كما تفتح مجالا لفهم أعمق، وتوضح الضباب، وتوجّهنا نحو حلول عملية.

فالصحة النفسية هي أساس أي علاقة ناجحة. وبدونها، حتى الحب يذبل ومعها يزهر وينمو، فالسعادة الحقيقة تكمن فى استعداد كل منا لسماع الأخر، والتواصل معه بحب، والإعتراف له احيانا بأننا بحاجة لفرصة ثانية نبدأ فيها من جديد.


#العالم الآن #العالم الآن alalamalan #العالم الآن الإخبارى alalamalan #هيام فايز تكتب :"الطلاق العاطفى"..وجع صامت تحت سقف واحد #وزيرة التضامن الاجتماعي.

اخبار مرتبطة