- الاحتلال الفارسي الأول (الأسرة السابعة والعشرين): غزت الإمبراطورية الفارسية الأخمينية مصر عام 525 قبل الميلاد، وحكمتها كساترابية (مقاطعة) حتى عام 404 قبل الميلاد.
- فترات قصيرة من الاستقلال المصري: استعادت مصر استقلالها لفترات وجيزة مع السلالات الثامنة والعشرين، التاسعة والعشرين، والثلاثين (404-343 ق.م).
- الاحتلال الفارسي الثاني (الأسرة الحادية والثلاثين): عادت الإمبراطورية الفارسية لاحتلال مصر مرة أخرى في عام 343 قبل الميلاد، واستمر حكمها حتى وصول الإسكندر الأكبر.
الاحتلال الفارسي الأول
الاحتلال الفارسي الأول لمصر حدث في عام 525 قبل الميلاد على يد الملك الفارسي قمبيز الثاني، ابن قورش الكبير. يمثل هذا الاحتلال نقطة تحول مهمة في تاريخ مصر القديمة، حيث انتهت به فترة حكم السلالات المصرية المستقلة لتبدأ فترة من السيطرة الأجنبية الطويلة. ⚔️
الغزو الفارسي الأول
قاد الملك الفارسي قمبيز الثاني جيشًا كبيرًا لغزو مصر. جاء هذا الغزو بعد أن كانت الإمبراطورية الفارسية الأخمينية قد وسعت نفوذها لتشمل معظم الشرق الأدنى، وكانت مصر تعتبر هدفًا استراتيجيًا واقتصاديًا مهمًا.
- معركة الفرما (Pelusium): وقعت المعركة الحاسمة بين الفرس والمصريين بالقرب من مدينة الفرما (بيلوسيوم) في شرق دلتا النيل عام 525 قبل الميلاد. في هذه المعركة، هزم الفرس الجيش المصري بقيادة الملك بسماتيك الثالث (آخر ملوك الأسرة السادسة والعشرين).
- سقوط ممفيس: بعد الهزيمة في الفرما، تراجع الجيش المصري إلى ممفيس (العاصمة القديمة)، التي حاصرها الفرس وسقطت بعد فترة وجيزة.
- تتويج قمبيز فرعونًا: بعد غزو البلاد، توج قمبيز الثاني نفسه فرعونًا لمصر، وبذلك أسس الأسرة السابعة والعشرين، التي كانت أسرة فارسية تحكم مصر كساترابية (مقاطعة) ضمن الإمبراطورية الأخمينية.
حكم الأسرة السابعة والعشرين (525 – 404 قبل الميلاد)
تُعرف فترة الاحتلال الفارسي الأول بمصر باسم الأسرة السابعة والعشرين. خلال هذه الفترة:
- مصر ساترابية فارسية: أصبحت مصر مقاطعة (ساترابية) غنية وذات أهمية استراتيجية للإمبراطورية الفارسية.
- الإدارة الفارسية: عُين حاكم فارسي (ساتراب) لإدارة مصر، ولكن الفرس غالبًا ما حافظوا على بعض الهياكل الإدارية المصرية القديمة وعينوا مسؤولين مصريين محليين.
- سياسات الملوك الفرس:
- قمبيز الثاني: تختلف الروايات حول طبيعة حكمه. بعض المصادر اليونانية (مثل هيرودوت) تصور قمبيز كحاكم قاسي ومجنون دمر المعابد وأهان الآلهة المصرية، بينما تشير مصادر مصرية معاصرة إلى أنه حاول أن يتصرف كفرعون شرعي في بعض الجوانب.
- داريوس الأول: يُعتبر عهده (522-486 ق.م) فترة أكثر استقرارًا وازدهارًا نسبيًا لمصر تحت الحكم الفارسي. اهتم داريوس بتطوير البنية التحتية، بما في ذلك استكمال قناة تربط النيل بالبحر الأحمر، ودعم بعض المعابد المصرية.
- خشتيارشا الأول (خشايارشا): في عهده (486-465 ق.م)، حدثت ثورات في مصر، مما أدى إلى تعامل أكثر قسوة من قبل الفرس.
- المقاومة المصرية: على الرغم من الحكم الفارسي، استمرت روح المقاومة المصرية، واندلعت ثورات متعددة ضد الفرس خلال هذه الفترة.
نهاية الاحتلال الفارسي الأول
انتهى الاحتلال الفارسي الأول في عام 404 قبل الميلاد، عندما تمكنت الثورات المصرية من طرد الفرس واستعادة مصر استقلالها تحت حكم الأسرة الثامنة والعشرين، ثم التاسعة والعشرين، والثلاثين. ومع ذلك، لم يدم هذا الاستقلال طويلاً، حيث عادت الإمبراطورية الفارسية لغزو مصر مرة أخرى (الاحتلال الفارسي الثاني) في عام 343 قبل الميلاد قبل أن يغزوها الإسكندر الأكبر.
قاد أميرتايوس ثورة مسلحة ناجحة ضد الفرس، مستغلاً الاضطرابات السياسية في البلاط الفارسي، وتمكن من طرد القوات الفارسية من مصر، منهيًا بذلك الأسرة السابعة والعشرين الفارسية ومؤسسًا الأسرة الثامنة والعشرين المصرية المستقلة.
يُذكر أن فترة الاحتلال الفارسي لمصر شهدت عدة ثورات ومحاولات للمقاومة من قبل المصريين، ولكن ثورة أميرتايوس كانت هي التي كللت بالنجاح في إنهاء هذا الاحتلال الأول.
فترة الاستقلال النسبي
بعد نهاية الاحتلال الفارسي الأول (الأسرة السابعة والعشرين) في عام 404 قبل الميلاد، شهدت مصر فترة من الاستقلال النسبي، حكمتها ثلاث أسر مصرية متتالية قبل عودة الفرس في الاحتلال الثاني. هذه الأسر هي:
الأسرة الثامنة والعشرون (404 – 398 قبل الميلاد) 🛡️
تُعرف هذه الأسرة بأنها بداية فترة الاستقلال المصري بعد طرد الفرس.
- المؤسس: أميرتايوس (Amyrtaeus)، الذي قاد ثورة ناجحة ضد الحكم الفارسي.
- فترة الحكم: حكمت هذه الأسرة لفترة قصيرة جدًا، حوالي 6 سنوات.
- الأهمية: على الرغم من قصر مدتها، إلا أنها كانت رمزًا لاستعادة السيادة المصرية على أراضيها بعد قرن من الحكم الفارسي الأول.
الأسرة التاسعة والعشرون (398 – 378 قبل الميلاد) 🏛️
تلت الأسرة الثامنة والعشرين، واستمرت في محاولة الحفاظ على استقلال مصر.
- المؤسسون: تأسست على يد نفريتس الأول (Nepherites I) من منديس.
- فترة الحكم: حكمت لمدة 20 عامًا تقريبًا.
- التحديات: واجهت هذه الأسرة محاولات متكررة من الفرس لإعادة غزو مصر، واضطرت إلى الاعتماد على التحالفات مع القوى اليونانية (مثل إسبرطة وأثينا) لصد هذه الهجمات.
- أبرز ملوكها: نفريتس الأول، أكوريس (Achoris).
الأسرة الثلاثون (378 – 343 قبل الميلاد) 👑
تُعتبر آخر سلالة مصرية وطنية تحكم مصر القديمة قبل الغزو الفارسي الثاني ثم الغزو المقدوني.
- المؤسس: نختنبو الأول (Nectanebo I).
- فترة الحكم: حكمت لمدة 35 عامًا تقريبًا، وكانت فترة من الازدهار النسبي والاستقرار.
- الإنجازات:
- بناء المعابد: شهدت هذه الفترة نشاطًا معماريًا ملحوظًا، حيث بُنيت وزُينت العديد من المعابد المصرية.
- صد الهجمات الفارسية: نجح ملوك هذه الأسرة في صد عدة محاولات غزو فارسية، مستفيدين من خبرتهم العسكرية ودعم المرتزقة اليونانيين.
- أبرز ملوكها: نختنبو الأول، تيوس (Teos)، نختنبو الثاني (Nectanebo II).
- النهاية: انتهت هذه الأسرة بسقوط مصر مرة أخرى في أيدي الفرس عام 343 قبل الميلاد على يد الملك الفارسي أردشير الثالث، حيث هُزم نختنبو الثاني في معركة الفرما، وبذلك انتهى حكم الفراعنة المصريين الأصليين.
كانت هذه الفترات القصيرة من الاستقلال بمثابة محاولات أخيرة للمصريين للحفاظ على هويتهم وحكمهم الذاتي قبل أن تقع البلاد تحت سيطرة القوى الأجنبية بشكل دائم حتى العصر الحديث.
الاحتلال الفارسي الثاني
الاحتلال الفارسي الثاني لمصر حدث في عام 343 قبل الميلاد، وكان بقيادة الملك الفارسي أردشير الثالث (Artaxerxes III) من الأسرة الأخمينية. يمثل هذا الاحتلال نهاية لآخر فترة استقلال لمصر القديمة تحت حكم الفراعنة المحليين، وبداية لما يُعرف بـ الأسرة الحادية والثلاثين الفارسية في تاريخ مصر. ⚔️
السياق وأسباب الاحتلال الثاني
بعد نهاية الاحتلال الفارسي الأول (الأسرة السابعة والعشرين) في عام 404 قبل الميلاد، استعادت مصر استقلالها وحكمتها سلالات مصرية محلية (الأسرات28 و 29 و 30). كانت هذه الفترة مليئة بالاضطرابات ومحاولات الفرس المتكررة لإعادة السيطرة على مصر.
كان الملك الفارسي أردشير الثالث مصممًا على إعادة ضم مصر إلى الإمبراطورية الأخمينية، خاصة بعد أن فشلت محاولات سابقة لغزوها. كانت مصر تمثل ولاية غنية وذات أهمية استراتيجية كبيرة للفرس.
الغزو وسقوط مصر
- القيادة: في عام 343 ق.م، قاد «أردشير الثالث» الأخميني، بنفسه جيشًا ضخمًا مدعومًا بمرتزقة يونانيين.
- المعركة الحاسمة: واجه الجيش الفارسي الجيش المصري بقيادة الفرعون نخت أنبو الثاني (Nectanebo II)، آخر فرعون مصري محلي، في معركة حاسمة عند الفرما (Pelusium) عام 343 قبل الميلاد.
- النتيجة: هُزم الجيش المصري بشكل مدمر، وفر نخت أنبو الثاني إلى النوبة، وبذلك سقطت مصر مجددًا في أيدي الفرس.
- القسوة الفارسية: يُروى أن أردشير الثالث كان قاسيًا بشكل خاص في تعامله مع المصريين بعد الفتح، حيث دمر المعابد ونهب الكنوز وأهان الآلهة المصرية، في محاولة لكسر الروح الوطنية والدينية للمصريين.
حكم الأسرة الحادية والثلاثين (343 – 332 قبل الميلاد)
يُعرف الاحتلال الفارسي الثاني بـ الأسرة الحادية والثلاثين، واستمر حوالي 11 عامًا فقط.
ملوك الفرس خلال الاحتلال الفارسي الثاني (الأسرة الحادية والثلاثون):
- أردشير الثالث (343 – 338 ق.م): هو الذي أعاد غزو مصر.
- أرسيس (أردشير الرابع) (338 – 336 ق.م).
- داريوس الثالث (336 – 332 ق.م): في عهده انتهى الحكم الفارسي لمصر.
- طبيعة الحكم: كان الحكم الفارسي خلال هذه الفترة قمعيًا واستغلاليًا. استنزف الفرس موارد مصر لتمويل حروبهم ومشاريعهم الإمبراطورية.
نهاية الاحتلال الفارسي الثاني
لم يدم الاحتلال الفارسي الثاني طويلاً. في عام 332 قبل الميلاد، غزا الإسكندر الأكبر المقدوني مصر بعد هزيمته للفرس في معارك أخرى. رحب به المصريون كمحرر من الحكم الفارسي. بسقوط مصر في يد الإسكندر، انتهى حكم الأسرة الحادية والثلاثين الفارسية، وبدأت فترة جديدة من الحكم اليوناني في مصر (المملكة البطلمية لاحقًا).
يُعد الاحتلال الفارسي الثاني نقطة فاصلة، حيث لم تحكم مصر بعده أي سلالة مصرية وطنية حتى العصر الحديث.
الفراعنة المصريون الذين حكموا قبل الاحتلال الفارسي الأول:
قبل الغزو الفارسي، كانت مصر تحت حكم الأسرة السادسة والعشرين (الأسرة الصاوية)، والتي كانت آخر أسرة مصرية وطنية قوية قبل الاحتلال الفارسي.
- أحمس الثاني (أماسيس) (570 – 526 ق.م): كان فرعونًا قويًا ومزدهرًا، وقد حكم قبل الغزو الفارسي مباشرة.
- بسماتيك الثالث (526 – 525 ق.م): هو آخر فراعنة الأسرة السادسة والعشرين، وهُزم على يد قمبيز الثاني في معركة الفرما، مما أدى إلى سقوط مصر تحت الحكم الفارسي.
ملوك الفرس الذين حكموا مصر (كفراعنة الأسرة السابعة والعشرين):
خلال “الاحتلال الفارسي الأول” نفسه، لم يكن هناك فراعنة مصريون مستقلون، بل كانت مصر يحكمها الملوك الفرس كجزء من إمبراطوريتهم.
هؤلاء الملوك الفارسيون حكموا مصر كجزء من إمبراطوريتهم، وكثير منهم اتخذوا الألقاب الفرعونية لإضفاء الشرعية على حكمهم.
- قمبيز الثاني (525 – 522 ق.م): هو الذي غزا مصر وأنهى حكم الأسرة السادسة والعشرين.
- بارديا (522 ق.م): حكم لفترة قصيرة جدًا.
- داريوس الأول (الأكبر) (522 – 486 ق.م): يُعتبر من أعظم الملوك الأخمينيين، وأظهر اهتمامًا بمصر، فقام ببناء قناة تربط النيل بالبحر الأحمر.
- خشايارشا الأول (أحشويروش) (486 – 465 ق.م): خلف داريوس الأول.
- أردشير الأول (أرتحشستا الأول) (465 – 424 ق.م).
- خشايارشا الثاني (424 – 423 ق.م): حكم لفترة قصيرة جدًا.
- داريوس الثاني (423 – 404 ق.م): في عهده اندلعت الثورة التي قادها أميرتايوس وأدت إلى إنهاء الاحتلال الفارسي الأول.
الفراعنة المصريون الذين حكموا بعد إنهاء الاحتلال الفارسي الأول:
بعد طرد أميرتايوس للفرس عام 404 ق.م، عادت مصر إلى استقلالها تحت حكم الأسر المصرية الوطنية التالية:
- أميرتايوس الثاني (الأسرة الثامنة والعشرون، 404 – 398 ق.م): هو الذي قاد الثورة وطرد الفرس.
- الأسرة التاسعة والعشرون (398 – 380 ق.م).
- الأسرة الثلاثون (380 – 343 ق.م): كانت آخر الأسر المصرية الأصلية التي تحكم مصر قبل عودة الاحتلال الفارسي الثاني ثم الغزو المقدوني.