أوضح المستشار الدكتور طارق منصور – خبير استراتيجيات الحرب والأمن القومي – أنه في قلب الظلام، ومن بين الركام، حين يظن العدو أن الليل حليفه والأرض ملجأه، تنبثق أشباح المقاومة من حيث لا يتوقع.
مقاتلون يسكنون الأعماق، لا تعرف ملامحهم الكاميرات، ولا تتعقبهم الأقمار الصناعية. يتحركون بخفة النسر، يضربون كالصاعقة، ويختفون كما لو أن الأرض ابتلعتهم. هؤلاء هم أبطال الظل الذين جعلوا قادة إسرائيل ينامون بعيون مفتوحة، مدركين أن هؤلاء المقاتلين هم وقود معركة طويلة الأمد، وأن كل شهيد يولد بعده عشرات المقاتلين الجدد، أشد بأسًا وأقوى عزيمة.
من رحم المعاناة إلى أسطورة الرعب
أبطال لم يخرجوا من معسكرات التدريب فقط، بل من رحم المعاناة، من أحياء مدمرة، ومدارس محاصرة، ومخيمات صامدة. أصبحوا عنوانًا للرعب في عيون العدو، وصوتهم هو آخر ما يسمعه المحتل قبل أن يسقط في ميدان المعركة. كل عملية نوعية، مهما صغرت في نظر الإعلام، تترك ندبة غائرة في عقل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وتزرع الخوف في قلب كل جندي قبل أن تطأ قدمه حدود غزة.
حرب العقول والإرادات
وأشار المستشار الدكتور طارق منصور إلى أن يومًا بعد يوم، تُثبت المقاومة أن المعركة لم تعد مجرد تبادل نار، بل هي حرب عقول وإرادات؛ قناص فلسطيني يوقف تقدم دبابة ميركافا بطلقة واحدة، فريق اقتحام يظهر فجأة خلف خطوط العدو، ووحدات هجومية تحوّل شوارع غزة إلى متاهة قاتلة لجنود الكيان الصهيوني. وكأنها تُخبر إسرائيل أن هذه الأرض لا تعرف الركوع.
مقاتل لا يهاب الموت
الرعب الإسرائيلي اليوم ليس من الصواريخ فحسب، بل من المقاتل الغزّاوي الذي يخرج من تحت الأرض أو من بين الدخان ليواجه جيشًا مدججًا بالسلاح بجرأة أسطورية. حتى الاعترافات في الإعلام العبري باتت تصف مقاتلي غزة بأنهم “لا يهابون الموت” وأنهم “يقاتلون حتى آخر نفس وكأنهم خرجوا من صفحات التاريخ الإسلامي القديم”.
حرب الإرادة… إسرائيل في المستنقع
وأوضح منصور أن الحرب في غزة ليست مجرد معركة سلاح، بل معركة إرادة، حيث تحوّلت أنفاق المقاومة إلى شرايين حياة، وقذائفها إلى رسائل نارية، تحمل في كل انفجار إعلانًا بأن العدو ليس آمنًا لا في مستوطناته ولا في قلب تل أبيب. إسرائيل، التي لطالما تغنّت بقدرتها على الحسم الخاطف، تجد نفسها اليوم في مستنقعٍ لا مخرج منه؛ الاقتصاد يترنح، الاستثمارات تهرب، والمعنويات في أدنى مستوياتها منذ عقود.
تهديد وجودي وأساطير تتهاوى
لم يعد الإسرائيلي يسأل: “متى ستنتهي الحرب؟” بل: “هل ستنتهي أصلًا؟”. داخل الكيان، الانقسام السياسي يتعمّق، والاحتجاجات تشتعل، والجيش عاجز عن إخماد المقاومة، حتى بات قادة الأمن يتحدثون عن “تهديد وجودي”، بينما يكتشف الشارع الإسرائيلي أن أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر” لم تكن سوى وهم يتبخر أمام إصرار مقاتلي غزة.
دفاع عن كرامة أمة
واكدالمستشار الدكتور طارق منصور قوله بأن المقاومة اليوم لا تدافع عن غزة فقط، بل عن كرامة أمة بأكملها. هي ليست مجرد عمليات عسكرية، بل زلزال نفسي يهز الداخل الإسرائيلي من جذوره، ويترك بصمته في السياسة والاقتصاد والمجتمع. ومن تحت كل حجر في غزة، يخرج مقاتل جديد، يحمل بندقيته وابتسامته، ليكتب فصلًا جديدًا في ملحمة الصمود.
الإيمان… السلاح الأقوى
وأكد الدكتور طارق منصور أن القوة ليست دائمًا في حجم السلاح، بل في حجم الإيمان بالقضية، وأن الشعوب التي تتشبث بحقها تستطيع أن تحوّل أعتى الجيوش إلى جيوشٍ منهكة، وأقوى الاقتصادات إلى اقتصاداتٍ تنزف وتنهار.
واختتم قائلًا: “إنها معركة الحق ضد الباطل، حيث تتحوّل الشجاعة إلى سلاح، والإيمان إلى درع، والبطولة إلى لعنة تلاحق إسرائيل في كل لحظة. وما دام في غزة مقاتل واحد يرفع بندقيته، فإن إسرائيل لن تعرف طعم الأمن مهما بنت الجدران أو نشرت الجيوش”.