في إطار اهتمام مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية بقراءة التحديات الراهنة من منظور وطني، نشر محمد حسام ثابت، مدير برنامج دراسات الإرهاب والتطرف بالمركز، قراءة تحليلية جديدة بعنوان: “معركة الوعي الوطنية في ضوء ذكرى نصر أكتوبر العظيم”.
تتناول القراءة البعد التاريخي والفكري لمعركة الوعي المصرية، باعتبارها امتدادًا لمعركة أكتوبر المجيدة، وميدانًا جديدًا للدفاع عن الوطن في مواجهة حروب الجيلين الرابع والخامس التي تستهدف العقل والهوية والثقة الوطنية.
وأكد ثابت أن نصر أكتوبر لم يكن مجرد انتصار عسكري عابر، بل تحول وطني شامل أعاد للمجتمع المصري ثقته بنفسه وبقدراته على تجاوز التحديات، مشيرًا إلى أن “الوعي” بات اليوم جبهة الدفاع الأساسية في مواجهة حملات التشكيك والتزييف التي تستهدف النيل من صمود الدولة المصرية وإنجازاتها.
وأوضح أن أدوات الحرب الحديثة لم تعد تقتصر على السلاح التقليدي، بل انتقلت إلى الفضاء الإعلامي والرقمي، حيث تُستخدم المنصات الموجهة لبث الشائعات وتضخيم الأزمات وزرع الإحباط بين صفوف الشباب.
وأشار إلى أن المعركة الحالية هي معركة على العقول، هدفها ضرب الثقة في المؤسسات الوطنية، وتشويه الرموز، والتشكيك في جدوى التنمية، وهي محاولات تتطلب وعيًا شعبيًا متماسكًا وقادرًا على التمييز بين الحقيقة والزيف.
وتوزعت القراءة إلى خمسة محاور رئيسية:
(١) البعد التاريخي لمعركة أكتوبر ومعركة الوعي: إذ يؤكد الكاتب أن النصر العسكري كان ثمرة إيمان المصريين بقدرتهم على التحدي، وأن معركة الوعي اليوم تبدأ بالإيمان ذاته في مواجهة حملات الإحباط.
(٢) الأدوات الجديدة في الحرب على الوعي: من خلال تحليل وسائل الإعلام الموجهة وحملات التضليل عبر الفضاء الرقمي، التي تستغل الأزمات لتقويض الثقة في الدولة.
(٣) الدور الوطني للمواطن المصري: بوصفه جنديًا في ميدان الوعي، يتحمل مسؤولية التحقق من المعلومات، وعدم الانسياق وراء الشائعات.
(٤) التنمية كحصن ضد التشويه: إذ يرى ثابت أن استمرار مشروعات التنمية هو الرد الأقوى على حملات التشكيك ومحاولات التشويش.
(٥) أمانة الشهداء ومعركة الوعي المستمرة: التي تستدعي من الأجيال الجديدة الحفاظ على مكتسبات الوطن وصون وعيه من محاولات الاختراق الفكري والمعنوي.
واختتم ثابت تحليله بالتأكيد على أن مصر، وهي تستعيد ذكرى نصر أكتوبر العظيم، تخوض اليوم معركة لا تقل خطورة عن المعركة العسكرية، لكنها تُدار بالفكر والوعي والثقافة، مشيرًا إلى أن “الوعي هو السلاح الأهم في عصر الحرب المعلوماتية، والتنمية هي الحصن الذي يحمي هذا الوعي من الاختراق”.
يُذكر أن مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية يعد من أبرز المراكز البحثية المستقلة في المنطقة، ويهتم بإعداد التحليلات والتقديرات حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الصلة بالأمن القومي والسياسات العامة.