كُنّا صغارًا مقتنعين بأنّه كلّما ارتفع قدرُ العلم لدى الشخص، ازداد أدبُه وقيمُه، ولكن كبرنا وعلّمتنا الحياة أنّ هناك لصًّا يرتدي «تيشيرت»، وآخر بالبدلة والكرافتة، وسارقًا يتحدث بالإنجليزية والعامية، وقاتلًا يرتدي البالطو الأبيض، وآخر بالجلابية، ومعلّمًا يزني، وطبيبةً ترقص، ومرتشيًا بالهندسة وآخر بدونها، وطباخًا للطعام وآخر للمخدرات، وهناك عالمٌ كافر، وصانعٌ يدمّر البشرية بأسلحته وهو يعلم فيما تُستَخدم.
كلّ المهن، بجميع الشهادات وبدونها، تخضع للمنحنى الأخلاقي صعودًا وهبوطًا، فالجميع بشر، لهم مشاعر وأحاسيس وطموحات وأخلاق متفاوتة. إذن، هل العلم يدلّ على الأدب؟
أقول: بالطبع لا، ولكن البيئات تختلف، وقد يغترّ الإنسان بمظاهر التديّن أو الترف المعيشي، لذلك كبرنا ونضج وعينا، وأصبحت المظاهر لا تعنينا كثيرًا، إنّما المعاملات والمواقف هي المقياس الحقيقي، فالأشخاص يُعرفون وقت المشاعر العنيفة؛ سواء في الخصام أو الحزن أو الفرح، أو في المعاملات المالية ومدى الحفاظ على المبادئ والأخلاقيات في كلّ أمر.
وفي النهاية، عزيزي القارئ، لا تغترّ بمنصبٍ أو مالٍ أو علم، فالبدايات والنهايات والمواقف والأحداث تُترجم إلى أخلاقٍ ومبادئ. وصدق من قال: «الدين المعاملة»، فحُسن استعمال الأدب والعلم هو المؤشر الحقيقي للأخلاق الإنسانية.
إيميل الكاتب:
kemoadwia@yahoo.com