العالم الآن 
عندما بدأت الحرب السورية نزح السوريون إلى القاهرة، فكنت في تلك الأوقات أرى سوريين في المطاعم وأماكن عدة. كان الجميع يقول: «مرحبًا بكم في بلدكم مصر». ولنا أصدقاء تزوّجوا سوريات، والبعض كان يسأل عن عمل للسوريين.
وقتها كنت أزور في مطلع الشتاء الإسكندرية – العشق الممنوع في الصيف بسبب الزحام – فأكلت في محل سوري فراخًا مشوية بالتومية، ومن ساعتها أدمنتها. وتوالت الأيام لأجد اكتساحًا للمطاعم السورية، فتساءلت ساخرًا: أهو سر النجاح في التومية؟! لكنني وجدت عوامل كثيرة:
أولًا: السعر لا يختلف كثيرًا عن الآخرين.
ثانيًا: مدى الاهتمام بكل شيء، حتى أدق التفاصيل؛ فتجد بالفعل قيمةً مقابل سعر.
ثالثًا: مكان الاستقبال يُقيم بخمس نجوم مثلًا، وزي موحد للعمال، والحفاظ على جودة الطعام وسخونته طوال فترات تقديم الخدمة.
رابعًا: النظافة بشكل دائم في كل شيء.
خامسًا: الهدف ليس المكسب الكبير فقط، بل هدف استثماري بحت؛ تبيع كثيرًا بجودة عالية مع هامش ربح ليس كبيرًا، فيشبه البيع بالجملة.
سادسًا: وجوه بشوشة دائمًا.
سابعًا: حتى التفاصيل الصغيرة – الملاعق، الشوك، المناديل الورقية والمبللة – كلها أمور بسيطة لكن مغلّفة بجودة عالية.
وثامنًا: الطعم غاية في الأهمية.
لذلك حدث جذب تام للمصريين نحو المطبخ السوري في كل الأكلات تقريبًا. وللأسف، رأيت حالة أمامي عندما ترك السوريون مطعمًا معينًا فعزف عنه الجمهور. فلا تقل لي أسرار الطبخ وخلافه؛ الأمور أعقد من ذلك بكثير.
التاجر المصري، وخاصة في مجال المطاعم، كي يستمر، لابد من الحفاظ على الجودة في كل شيء. ولا تشترط الخدمة أن تكون غالية جدًا كي تصبح مثل جودة أكل السوريين. إذًا: الحفاظ على الجودة، وهامش ربح معقول لنصل إلى قيمةٍ مقابل سعر، مع الحفاظ على طعم حسن المذاق.
وقد شاهدت مطعمًا معينًا للأكل المصري فقط كان في دول عربية مجاورة، وصاحبه مصري بدأ بفتح فروع بالقاهرة، وكان كل حديثه عن أن الجودة تمثل كل شيء لتحويل المطبخ المصري إلى العالمية. أقتبس منه حديثه لا أسعاره.
وبالأخير أقول: مصر في كل العصور حاضنة للجميع، ونحن نحب العرب جميعًا.
إيميل الكاتب:
kemoadwia@yahoo.com