في الماضي، كنا نعيش على ثلاث قنوات فقط، بين برامج مثل “تاكسي السهر” و”اختارنا لك” وغيرها من البرامج المشهورة. أما اليوم، فكل نوعية من المحتوى لها قنواتها الخاصة: الأفلام، الرياضة، المسلسلات، وما إلى ذلك. كانت الإعلانات قديماً إما توعوية (مثل حملات مكافحة البلهارسيا) أو تجارية (مثل إعلانات مسحوق الغسيل). لكن الآن، صرنا نرى إعلانات مطوَّلة عن كريمات أو أعشاب تدَّعي الشفاء من جميع الأمراض! وسخرياً، أطلقنا عليها اسم “كريم السوبر ديناصور” أو “عسل يشفي من كل داء” أو حتى “قرص الديناصور”!
المشكلة الأكبر هي الكم الهائل من الادعاءات الكاذبة في هذه الإعلانات. ستجد من يقول: “من أول ما حطيت الكريم، بقيت أجري مثل الحصان!”، بينما الحقيقة أن المنتج مجرد مسكن موضعي مصنوع من مواد طبيعية! بل وصل الأمر إلى طبيب تم تحويله للجنة التأديب بسبب ظهوره في مثل هذه الإعلانات المبالغ فيها، فكان رده بالإنكار!
من الطبيعي أن يسعى التسويق لزيادة المبيعات، لكن من الناحية الأخلاقية، يجب الحرص عند التعامل مع أصحاب الأمراض المزمنة مثل السكري أو الخشونة، وعدم استغلال أحلام البسطاء في الشفاء. ففي زمن ليس ببعيد، عانى المجتمع من انتشار التهاب الكبد الوبائي “سي”، وكان بعضهم يروجون لـ”علاجات” وهمية مثل شرب بول الإبل أو اللبن الدسم، مما أدى إلى تفاقم حالات متأخرة أصلاً! إلى أن ظهر علاج حقيقي معتمد من منظمة الصحة العالمية، فانتهت الأزمة.
لذلك، نطالب لجان التأديب في النقابات الطبية بأن تكون يقظة في متابعة إعلانات الوهم هذه، كي لا يُتلاعب بمرضى لا حول لهم ولا قوة. كما نأمل من وزارة الصحة إطلاق حملات توعوية تكشف هذه الأساليب الخادعة. وفي النهاية، نتمنى ألا يعود “زمن الديناصورات” مرة أخرى!
إيميل الكاتب:
kemoadwia@yahoo.com