تعالَ نصل إلى نقطة تلاقٍ، وهناك حكمةُ الرجوع إلى الخلف خطوتين، وغيرها من العبارات التي تحمل المعنى ذاته، نعتاد على سماعها عند وصول شدة أيّ نزاع إلى ذروته. تتجلّى معاني التفاوض في كيفية جعله استراتيجيًا وتكتيكيًا في آنٍ واحد.
ومن الواضح كالشمس أن المقاومة الفلسطينية تمتلك مواهب سياسية وعسكرية فذّة، فالعدو يشتكي دائمًا ــ وهمًا ــ من صلابة المقاومة وتعنتها، لكنها أفعال يهودية قديمة، وقد ذكرتُ في مقال سابق عن الاتفاقية أن ترامب ألقى الكرة في ملعب المقاومة، وبالفعل أحرزت المقاومة هدفًا تكتيكيًا ذا أبعاد خفية، لنتعلم كيف نرجع خطوة إلى الوراء حين تقتضي الحكمة ذلك.
ومهما بلغت الخسائر، فإن العدو يتألم بشدة. وقد أصابني الذهول من مشهد “أسطول الصمود” بعد أن تم اعتراضه والقبض على من فيه. ألا تستحي أمريكا وإسرائيل سياسيًا من هذا الفعل؟ ما أراه أن الولايات المتحدة، إن كانت تستعمل إسرائيل كعصاها في الشرق الأوسط، فقد فقدت الكثير من قبضتها العالمية بسبب هذا النهج.
حتى على مستوى الأسرة، فإن تأييدك لابنك المطلق في كل شيء يدمّره وقت النزاعات، فهل انتهت إذن فكرة أحلام العيش المترف وبلد تحقيق الأحلام؟ وأصبحت إسرائيل دولة الحروب والمشكلات؟
ما أريد قوله إن ما حدث في غزة كسر شوكة وهيبة إسرائيل المزعومة، بل جعل المجتمع الدولي يلفظها. الآن، الرأي العام العالمي على جميع منصات التواصل الاجتماعي يعبّر بوضوح عن كراهيته لإسرائيل. العداوة صارت جلية، ولا ننسى ذلك المشهد الأسطوري في عصبة الأمم حين ألقى نتنياهو كلمته، فخرج تقريبًا كل من في القاعة، وقبلها توالت اعترافات الدول بدولة فلسطين.
يا سلام! شعور غاية في الروعة. فكل معاني التطبيع التي سادت منذ مطلع الألفية انتهت مع هذا المشهد. لذلك، تحياتي على قراءة المشهد بنظرة شمولية من قبل حركة حماس، وبقية الفصائل ستتبعها لتتجلى عبقرية المقاومة الفلسطينية.
إيميل الكاتب:
kemoadwia@yahoo.com