يفتقد أطفال المطلقين الدفء الأسري، فتأتي المسكنات ومرحلة التعويض باحتواء غير كامل من الأم، التي تعاني بدورها من حالة نفسية سيئة جراء الطلاق. ومع ذلك، يبقى وجودها بجانب الأطفال عاملاً يخفف من جراحهم بعض الشيء. أما رؤية الأب لهم مرة كل أسبوع في مكان عام كالنادي أو غيره، فهي لا تكفي، إذ يضيع الطفل نفسيًا لغياب الاحتواء الحقيقي، ناهيك عن الكراهية التي تُزرع بسبب النزاعات.
إن الرؤية في حد ذاتها أمر إيجابي، لكن تنفيذها يفتقر إلى بعض الضوابط التي يظلم فيها الطفل؛ فالمكان عام، وغالبًا ما تتحول الزيارة إلى ساحة للمكائد بين الطرفين، فنشهد مهاترات وتعديات وخلافات، بل وأحداثًا يندى لها الجبين، والشاهد على ذلك ما يُحرَّر من محاضر وما تمتلئ به محاكم الأسرة.
إذن، ما الحل؟
أقول: يعتمد على إعادة هيكلة عملية الرؤية، وذلك عبر:
أولًا: إنشاء مكتب للحلول الأسرية أو التسويات، تُشارك فيه الهيئات الاجتماعية والجمعيات الأهلية وغيرها، قبل الوصول إلى محاكم الأسرة، وذلك لتخفيف العبء عن هذه المحاكم.
ثانيًا: تنويع خيارات الرؤية وفقًا لاحتياجات الطرفين، لتخفيف المعاناة عن الجميع، بحيث لا تقتصر أماكن اللقاء على النوادي الاجتماعية فقط، بل يمكن أن تتم لدى الأقارب مثلًا. وهنا يطرح السؤال نفسه: هل الأب متصف بالوحشية مثلًا؟ إن لم يكن كذلك، فلماذا لا يُسمح بالاستضافة يومًا كل أسبوع أو أسبوعين، بما يحافظ على نفسية الطفل، مع ضمان القوانين المنظمة لعودته إلى أمه.
ثالثًا: لقد اقتحمت التكنولوجيا بيوتنا بقوة، فلماذا لا تكون الرؤية عبر الفيديو كخيار متاح للجميع، خاصة للمسافرين بالخارج أو في حالات الطقس السيئة.
رابعًا: ضرورة وجود عقاب قانوني رادع لمن يتسبب في منع الرؤية عن أحد الأبوين، فسلامة نفسية الأطفال أَولى، حتى نُخرج للمجتمع أشخاصًا أسوياء.
وفي الختام، أقول: إن الحلول كثيرة، لكن الشرط الأساس هو وجود الإرادة الصادقة للحفاظ على نفسية الأطفال، ليعيشوا حياة سوية بلا جراح، وحتى لا نسمع صرخة ابن الطلاق.
إيميل الكاتب:
kemoadwia@yahoo.com