شدد الرئيس السيسي الأسبوع الماضي على أهمية مواصلة العمل على تحسين مناخ الاستثمار، والعمل على تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وفقًا للأولويات الوطنية. كما وجه بحصر ومتابعة الشركات المملوكة للدولة لضمان زيادة القيمة الاستثمارية وتعظيم العائد الداخلي لتلك الشركات، حيث أكد ضرورة مواصلة العمل على تعظيم العائد من أصول الدولة وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد المصري من خلال إدارتها بفعالية، عبر استراتيجيات مبتكرة وشراكات مع القطاع الخاص.
وعلى هذا الصعيد، تلقيت من مساهمي شركة الحديد والصلب عشرات الرسائل الإلكترونية مرفقة بمستندات عديدة تتعلق بتصفية الشركة، فصُعِقتُ مما رأيت، منذ بداية التصفية وحتى الآن. فهم يمتلكون مستندات بكل ما يخص الأصول، من الأراضي وما تحت الأرض من أساسات نحاسية للمصنع، وما فوق الأرض من خردة وقطع غيار وخلافه. وأشاروا إلى أن ما تم بيعه خلال خمس سنوات كان نسبة بسيطة جدًا من الموجودات.
بل إن الأمر الغريب في هذه القضية هو أنه لم يتم إجراء جرد فعلي للموجودات على الأرض، وقد أشار الجهاز المركزي للمحاسبات إلى ذلك مرارًا وتكرارًا. والأغرب من ذلك هو رد المصفّي عندما طُلِب منه الجرد من قِبل إدارة البورصة على شاشات البورصة نفسها، حيث أفاد بأنه يتم الجرد وفقًا للموجودات على الحاسب الآلي فقط، واعتبر ذلك جردًا، بينما لم يتم الجرد فعليًا على الأرض مطلقًا! فلصالح من هذا التجاهل؟ والرئيس يوجه دائمًا بتعظيم الأصول!
بل إن المدهش أن الشركة قامت ببيع تعاقدات خردة بقيمة أربعة عشر مليار جنيه، ولم يتم ذكر هذه التعاقدات في بند “الديون لدى العملاء” بالقوائم المالية، ولا في تقرير المصفّي، مخالِفًا بذلك المبادئ المحاسبية، ومتعنتًا في تطبيق قواعد حوكمة الأصول التي لطالما نادت بها الحكومة. والأكثر غرابة أنه قال في الجمعية العمومية إن الحساب “سيصفر” إذا تم إدراج هذه القيمة مرة واحدة! وكأنه يتحدث إلى سذّج! هل انتهت التصفية، ولن يتم بيع ما تبقى؟! أهذا كلام يليق أن يُوجَّه إلى الجهاز المركزي للمحاسبات كجهة رقابية، أو إلى المساهمين الملاك؟!
وقد أقرت البورصة بحق الشركة عقوبة مالية لإخفائها معلومات جوهرية. والمفهوم الأول للمساهمة هو المشاركة في كل شيء. يقول المساهمون: “رضينا بالتطوير فلم يكن، وكنا مع الدولة قلبًا وقالبًا، فقبلنا بالتصفية رغمًا عنا. وللعلم، فإن لدينا أسهمًا ورقية تثبت أننا اشترينا بالشركة منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي مع الاكتتاب وافتتاح الشركة، وكان السهم وقتها يعادل اثنين جنيه ذهب. لقد اشترينا الأسهم في جميع المراحل السعرية حتى الآن ونعلم كل شيء عن الشركة.”
سمعة الاستثمار على المحك. فهل عندما تُصَفّى الشركات، ستكون المساهمة مشاركة فعلية في كل شيء، أم لا؟!
يقول المساهمون، وفقًا لأوراق رسمية: “الشركة تمتلك أكثر من ثلاثة آلاف فدان داخل أسوارها، بخلاف أراضٍ خارجها، وقد تم تحويلها إلى أراضٍ سكنية مختلطة، ولكن هناك تعتيمًا تامًا على ما تمتلكه الشركة. فالتصفية، في حقيقتها، لمصلحة من؟! والجميع ينادي بتعظيم أصول الدولة.”
لقد صبر المساهمون سنين عديدة قبل تصفية الشركة، أملًا في التطوير وحبًا لتراب هذا البلد، ومنذ التصفية مضى ما يقرب من خمس سنوات. لذلك أقول: عندما يأخذ هؤلاء المساهمون حقوقهم بالقيمة العادلة وفقًا للأصول، ستضرب الدولة أروع مثل في أن من يشارك القطاع العام لن يندم أبدًا، سواء في التصفية أو التشغيل أو التطوير. ويعدّ ذلك بمثابة تأكيد واضح على دعم الدولة الكامل لتعزيز شراكات القطاع الخاص مع شركات القطاع العام، محليًا ودوليًا، بما يسهم في تعظيم العوائد وتحقيق التنمية المستدامة.
ايميل كاتب المقال : kemoadwia@yahoo.com