لا يخفى على أحد كثرة حالات الخلع المثيرة للجدل، إذ استسهلها المجتمع والمرأة على السواء، وأصبحت تتم بسهولة. تكمن المشكلة في التقنين؛ فلابد من تعديل قوانين الخلع والرؤية. وأرى أن المقترح المقدم لمجلس النواب لمناقشته مقترح جيد جدًا، وله أسانيد واقعية وشرعية.
ونناقش الأمر سويًا، حيث ورد عن النبي ﷺ في واقعة مشهورة قوله للزوج: «ردي عليه حديقته»، وقد فسّرها العلماء بأن ردّ كل ما يعتبر مهرًا هو الأساس. وبالعامية: “اللي بيكره يترك الأمر بالكلية”، لذلك لا حق للزوجة في قائمة المنقولات. فإذا قالت المرأة: “لقد أحضرت نصف القائمة”، فالأصل أن يعود الأمر إلى ما كان معمولًا به في زمن قريب، حين كان والد الزوجة هو من يقدم المهر، بينما الزوج يفرش بيته وفق إمكاناته أيا كانت، ولا تعليق عليه. فلا تكتب قائمة منقولات من الأساس، أو يُكتَب في العقد فقط ما يقدمه الزوج من ذهب وخلافه، وليس في قائمة منفصلة.
أما الصراع الأسري الحالي، فكيف يُحبس الرجل؟! وكيف تتحول قائمة المنقولات إلى قضية جنائية من أجل دعوى تبديد؟! أهذا يعقل؟! لقد تدخلت الدولة في ستينات القرن الماضي فوضعت قانون الإيجار القديم، ثم تبين لها أنه تحول إلى تمليك عرفًا، فعدلت القوانين. كذلك تدخلت الدولة لاحقًا بسبب علو صوت المظلومية على المرأة، فجاء تعديل جارِف أضرّ بحقوق الزوج والأطفال، فتحول الأمر إلى ما يشبه “مجلس مطلقات المرأة”. واليوم على الدولة تعديل هذه القوانين، وفق ما هو مطروح أمام مجلس النواب.
وقد شاهدتُ رئيس محكمة الأسرة سابقًا في أحد مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وهو ينتقد هذه القوانين الخاصة بالخلع والرؤية، ويصفها بأنها السبب في كثرة حالات الخلع والطلاق. كما سمعت عالمًا من الأزهر ينتقد الوضع الحالي، ويدعو إلى تقنينه بما يتوافق مع الشريعة لتستقيم الأمور.
وأكرر أن المظلوم الحقيقي في هذه القضايا – بخلاف الرجل – هم الأطفال؛ فمنع الرؤية عنهم من أحد الطرفين يحولهم إلى “قنابل موقوتة” في المجتمع، تتفجر بالكراهية والسلوكيات السيئة نتيجة تغول أحد الأبوين ومنعه الآخر من رؤية أولاده. لذلك أرجو من المسؤولين ضبط الأمور، إذ إن بعض الحالات وصلت إلى تهور وتعدٍ قد يصل إلى القتل، بسبب حبس الرجل بالقائمة وتجريده من كل شيء، وشعوره بالظلم.
وفيما يلي بعض التعديلات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لقوانين الأسرة، لعرضها على مجلس النواب:
1. ترتيب الحضانة: يكون الأب بعد الأم مباشرة، فإذا تزوجت الأم أو توفيت، تنتقل الحضانة إلى الأب فورًا.
2. تخفيض سن الحضانة: وفق مذهب الإمام أبي حنيفة، 7 سنوات للولد و9 للبنت، دون تخيير، ثم تنتقل الحضانة إلى الأب فورًا.
3. تفعيل قانون الاستضافة/الزيارة: بما لا يقل عن يومين في الأسبوع، لضمان تربية سوية للأطفال وحمايتهم من أي أضرار.
4. حبس الزوجة: في حالة عدم تنفيذ تعليمات وزير العدل الخاصة بالاستضافة، تُحبس فورًا.
5. إلغاء تبديد المنقولات كجنحة: وتحويلها إلى دعوى مدنية، حتى لا يُحبس الزوج غيابيًا دون علمه.
إن هذه التعديلات، مع الحفاظ على القوانين القديمة المفيدة، ستعيد للعلاقات الزوجية توازنها وهدوءها، بحيث لا يكون أحد الطرفين مهددًا الآخر بسكين القانون أو غيره. فتعود المرأة إلى سلطتها الناعمة في التعامل مع الرجل داخل “الغرف المغلقة”، كما تفعل الدول في سياساتها.
أما عند انتهاء العلاقة، فكما يقول الأجداد: “مثلما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف”. وبالتأكيد سيؤدي ذلك إلى تقليل حالات الخلع والطلاق وما يترتب عليها من مشكلات.
إيميل الكاتب:
kemoadwia@yahoo.com

