يقولون في البلاد عن فلان: سافر فتغيّر، لم يعد يسأل عنا أو يشاركنا أفراحنا وأحزاننا. وآخر اغتنى، فلم نعد نراه في عزاء أو مناسبة من مناسبات المجاملات والعِشرة.
لكنّي أرى أن المال أو المنصب، أو أي رفعة دنيوية، هو كالماء، وأن الأشخاص بطبائعهم المختلفة كالبذور.
فعندما يسقي المال البذورَ الطيبة، تنبت شجرةً طيبةً مثمرةً تفيض تواضعًا ومحبة، وتُظلّ الآخرين بظلّها، فيعمّ الخير والمساعدة.
أمّا إذا كانت البذور فاسدة، فإنّ أوّل سقيا للمال تُخرج منها نبتًا شيطانيًّا متمرّدًا على الواقع، أو شجرةً خبيثةً، وكأنّ الواقع يطلب منه المستحيل! فهل تنتظر من هذا النبت ثمرًا ينتفع به الناس؟ بالطبع لا. بل ينزوي صاحبُه ظنًّا أنّه بالمال استغنى عن الجميع، غيرَ مدركٍ أنّنا جميعًا أسبابٌ في خدمة بعضنا، فهذه هي طبيعة الحياة، ومن يجهلها يخسر إنسانيته قبل ماله.
تُعلّمنا الحياة أنّ الرزق يُنزل بقدر، رفقًا بالإنسان، واختبارًا لأصالته وبذوره.
فلا تكن كنبتٍ شيطانيّ، بل كن كالشجرة المثمرة التي ينتفع بها الجميع، وتحظى بالطيب من القول في الدنيا والآخرة، وتترك أثرًا حسنًا بعد رحيلك، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾ «سورة الرعد، الآية 17».
وفي النهاية، تؤكد لنا الحياة أنّ المال كالماء، يسقي الطباع الإنسانية التي كالبذور.
إيميل الكاتب:
kemoadwia@yahoo.com

