المشهد الأول: البداية
يسرد مساهمو شركة الحديد والصلب المصرية وقائع الجمعية العمومية التي انعقدت خلال الأيام الماضية، لتتكشف أمامهم عجائب وغرائب؛ إذ مرّ على الشركة خمسة مصفّين خلال خمس سنوات من التصفية، دون أن يطرأ أي تغيير حقيقي. نفس الجمعيات العمومية، ونفس دوائر الإدارة، ونفس السلبية التي يخرج بها المساهمون في كل مرة، دون سماع خبر إيجابي واحد. ناهيك عن القوائم المالية التي لا تشهد أي تقدم، وإنما تكتفي بعبارات مطاطة تعتمد على كلمة «جاري» التي لا تنتهي!
منذ البداية، حاول المساهم الرئيسي الاستحواذ على مجموعة أراضٍ ضخمة على النيل تُقدَّر بمليون متر، عبر عقود معاوضة بقيم دفترية زهيدة للغاية، غير أن قرارًا سياديًا صدر بإعادة هذه الأراضي إلى الشركة، وقد عادت بالفعل والحمد لله.
المشهد الثاني: القوائم المالية والعمال
العمال الذين خرجوا على المعاش حصلوا على أكثر من ملياري جنيه، لكن القوائم المالية بعد خمس سنوات لا تظهر حتى أربعة مليارات جنيه.
يحضر المساهمون بانتظام، ويتكرر الحديث عن مئات الأطنان من الخردة والمخلَّفات والمعدات التي تُقدَّر بمليارات وتباع بالفعل. وهناك أمور يندى لها الجبين في ملف الخردة يصعب ذكرها لعدم وجود دليل دامغ، وإن كان الجهاز المركزي للمحاسبات قد أشار إلى بعضها في تقريره. ومع ذلك تبدو القوائم المالية “متظبطة” بزيادة، فلا تجد فيها ما تبحث عنه! ويأتي رد المصفّي بأنه يتبع قوانين المحاسبة المصرية ويطبقها، ليظل المساهمون «شاهد ما شافش حاجة».
المشهد الثالث: التعاقدات المفقودة والمخططات
تعاقدات تُقدَّر بـ14 مليار جنيه غير موجودة في القوائم المالية، وعند الاعتراض يُقال للمساهمين: «اذهبوا إلى من تريدون».
ويعلن رئيس الجمعية عن تحويل الأراضي إلى مخطط عمراني قومي كبير (سكني، تجاري، إداري، سياحي)، ثم تُسلَّم لشركة الإسكندرية للتطوير التابعة لوزارة قطاع الأعمال، ثم يُلغى الأمر، ويبقى المساهمون «شاهد ما شافش حاجة».
المشهد الرابع: المشاريع والتصريحات
حتى الإعلام والمسؤولون الكبار يقدِّرون قيمة الشركة بـ300–400 مليار جنيه، بينما تتنوع “المشروعات” بين المنسوجات والزبيب وتشغيل جزئي، وكلها «تحت الدراسة»! ما يدفعنا للتساؤل: لماذا تم هدم هذه القلعة الصناعية من الأساس؟
المباني هُدمت جميعها تقريبًا، ولم تبقَ إلا الإدارة، والمساهمون ما زالوا «شاهد ما شافش حاجة».
المشهد الخامس: المصفّون والجهاز المركزي للمحاسبات
يحصر المصفّون الأراضي لتصل إلى 14 مليون متر، ثم يغادرون مواقعهم.
ويطالب الجهاز المركزي للمحاسبات بالعقود والخرائط فلا يجد استجابة. وتتكرر الاجتماعات في دوائر مفرغة، ويظل المساهمون «شاهد ما شافش حاجة».
المشهد السادس: مواقع التواصل تتحدث
يخرج علينا وزير قطاع أعمال سابق منذ أسبوع، ليؤكد على حسابه بمواقع التواصل أن هناك قطع أراضٍ صغيرة قد بيعت بالفعل، وأن هذه الأراضي تساوي الكثير، وأن التصفية ستجعل الشركة بأرقام كبيرة، وأنها في الصالح العام مع استثمار قوي لتعظيم أصول الشركة.
لكن المساهمين يبقون «شاهد ما شافش حاجة».
الخاتمة: دعوة إلى الشفافية وحماية حقوق المساهمين
خمس سنوات من الحلقات المفرغة ولا جديد، خاصة في ملف أرض الحديد والصلب على النيل، إحدى أكبر الأراضي ضمن محفظة وزارة قطاع الأعمال.
تصريح رئيس الوزراء بمخطط لأراضي النيل – من الكورنيش مرورًا بالتبين مقر الشركة وصولًا إلى حلوان – وتكرار المسؤولين أنه لن يتم إنشاء مصانع على النيل، والمعروف أن غرب القاهرة شهد هدم مصانع كثيرة ضمن مخطط كبير لإقامة أبنية تجارية وإدارية وسكنية وسياحة علاجية… كل ذلك يسلط الضوء على ضرورة حماية حقوق مساهمي الأقلية في البورصة المصرية، تشجيعًا للاستثمار المحلي والدولي، ومنحهم حقوقهم طبقًا للدستور والقانون في الجمهورية الجديدة، حتى لا يظلوا دائمًا «شاهد ما شافش حاجة».
إيميل الكاتب:
kemoadwia@yahoo.com