تمتلك شركة الحديد والصلب المصرية بالتبين، غرب القاهرة، أرضًا فضاء تبلغ مساحتها حوالي 16 مليون متر مربع، بينما تشير التقديرات المتداولة إلى أن المساحة الفعلية أكبر من ذلك بكثير، إذ تصل إلى نحو 25 مليون متر مربع، حيث إن منطقة الحديد والصلب كانت تبلغ في بدايتها حوالي ستة آلاف فدان، تم تخصيصها والاكتتاب عليها كشركة مساهمة مصرية، ولها جزء مطل على النيل.
هذه المنطقة كانت قديمًا معروفة بالسياحة العلاجية بجوار “ركن فاروق” على النيل، وقد تبنّى الدكتور مصطفى مدبولي هذا التوجه عندما كان وزيرًا للإسكان، حيث تم تفريغ هذه المناطق من المصانع لتقليل معدل التلوث بالقاهرة. فهل من المعقول إهدار هذه المساحة الكبيرة وإعطاؤها لمقاولين عاديين أو إخضاعها لنظام القرعة في تخصيص الأراضي للبناء؟
إن هذه الأرض تصلح لإنشاء ثلاث مدن أو أحياء كبرى، مثلما نرى في التجمع الخامس والشيخ زايد ومدينتي، وأيضًا مدينة نور بجوار العاصمة الإدارية. ومن الطرائف أنه كان يتم الترويج لمشروع بأنه على النيل، بينما هو في قلب الصحراء ولا يجاوره سوى ترعة بسيطة. فهل نترك مكانًا على النيل بهذه القيمة هكذا؟!
هذه المنطقة تفتقر إلى الفنادق، ومع ارتفاع طفيف فيها يمكن رؤية النيل مباشرة. وهي بجوار محطة القطار السريع التي تصل الإسكندرية ومرسى مطروح في دقائق معدودة، كما يربطها طريق قريب بالتجمع الخامس ومدينة السادس من أكتوبر. وقد صرّح رئيس الوزراء بضرورة الاستغلال الأمثل للأراضي على النيل، مثل التبين والمعصرة وحلوان، بنظام “تجاري وسياحي وسكني وإداري”.
تخيل معي تنفيذ أكبر الكمبوندات السياحية مع سياحة علاجية وإطارات فندقية في هذه المنطقة، إضافة إلى أحياء سكنية ذات طابع معماري مميز، مثل المستخدم في العاصمة الإدارية ومشروعات “دار مصر”، مما سيغير المنطقة بالكامل ويجعلها رئة جديدة للقاهرة، مزودة بالمساحات الخضراء.
وكما يقول المثل الشعبي: “نصنع من الفسيخ شربات”، وهذا ما فعلته الدولة بالفعل في بعض الأماكن، مثل تحويل “تل العقارب” إلى حي الأسمرات، وإنشاء عمارات مثلث ماسبيرو التي بتصميمها غيرت ملامح منطقة التحرير للأفضل.
لذلك، أقول: عندما نستغل أراضي الحديد والصلب طبقًا لتوجهات الدولة وبالاستغلال الأمثل، خاصة مع مساحتها الكبيرة وصدور القوانين اللازمة لذلك، فإنها ستكون بالفعل رئة جديدة لغرب القاهرة.
إيميل الكاتب:
kemoadwia@yahoo.com