مع آلام وأوجاع سو ريا، وتصاعدها الكارثي غير المفاجئ لنا بالمرّة، وفي مقالاتٍ عديدةٍ كانت وقتها، وكنتيجةٍ طبيعية مع اعتلاء الجولاني عرش سوريا وصولًا إلى أحداث اليوم المفجعة، بحجّة الدروز وغيرها، وغارات الك يان على سو ريا واستباحتها حتى سرير الجولاني إلى غير ذلك ممّا بات معلومًا، وعلى مرأى ومسمع من الجميع.
إلا أنني، ومع كل فاجعة هناك لا أدري لماذا أتذكر كتّابًا ومفكرين، هنا على صفحتي هذه وسيقرأون مقالتي تلك، كانوا وقتَ هروب الجبان بشّار في منشوراتٍ حثيثة ليست ضد بشار وحسب وإنما دعمًا ومؤازرة وبهجةً في اعتلاء الجولاني حصرًا سدة الحكم في سوريا، وكأنهم كانوا وقتها في جهادٍ مقدس، نُصرة للإسلام والمسلمين. منشورات ليست دعمًا للجولاني وحسب، وظاهرها كذلك، وإنما كانت دعمًا لتركيا التي خلفه، هكذا كان ظنّهم، ومبلغ علمهم، أن تركيا وحدها هي التي وراءه، وكأنها خطوة كبرى، وأولى، نحو إحياء دولة الخلافة من جديد. ولا يدرون أن الأمر، وبات جليًّا ومعلنًا، كان قِسمة ضيزى بين تركيا والك يان وأمر يكا وغيرهم، والشيطان من ورائهم.
والسؤال: أهذه هي سوريا التي أردتموها؟! ها هي الآن أش لاء مم زقة، بشرًا وأرضًا. أهذا هو الجولاني فارسكُم الذي ظننتموه فاتحًا ومخلّصًا؟! ها هو فاتحًا باب سوريا على مصراعيْه أمام الك يان يلهو بها ويلعب ويرتع فيها كما يحلو له. بل، نراه كلّ يومٍ، وفي رسائل رسمية معلنة، يخطُبُ وُدّ الك يان، رغم أنه الأسد الشجاع الشرس الذي أسقط ليس نظامًا وإنما دولة بأسرها. أهذا هو أر دوغان خليفة دولة خلافتكم، والتي تريدونها وترغبونها؟! ها هو كما علمتم ورأيتم وسمعتم، وفي دليلٍ ملموسٍ قاطع في غ زة وسوريا خائنٌ لأمتنا متواطئٌ عليها حتى ثانيته وتاريخه.
الغريب أن هؤلاء المجاهدين بمنشوراتهم دعمًا للجولاني وخليفتهم التركي، ذي الأصابع الأربع، لم تعد تراهم قط، وقد بأن كلٌّ من الجولاني وأر دوغان على حقيقتهما في غ زة وسوريا. والأغرب والأشدّ تنفيرًا أنهم لا يزالون نشيطين بمنشوراتهم المُحبطة المثبطة فقط ضد مصر، وكأنهم في جهادٍ مقدسٍ فقط ضد بلداننا، دولةً تلو الأخرى. والأغرب من ذلك كله أنهم يُطلّون علينا كأهلِ فكرٍ وإحاطةٍ ودرايةٍ، والأخطر أن لهم أتباعًا ومريدين.
لكن، وبعيدًا عن ذلك كله، أهكذا -وبكل سهولةٍ- انفرط وينفرط عقدُ بلداننا، واحدةً تلو الأخرى؟! أبعد كل ما جرى ويجري لا يزال هناك مَن لم يقرأ المشهد بعدُ؟! أهكذا وبكل أريحيةٍ وطمأنينة تمضي إس رائيلُ وحدها قُدُمًا نحو تنفيذ وإقرار مخططها المعلن ورؤيتها في منطقتنا، دون رؤيةٍ لنا؟!