هو أكثر من مجرد مشروب بالنسبة لي، إنه روتين يومي لا أستطيع الاستغناء عنه. كل صباح، أستيقظ وأنا أشعر بالحاجة إلى ذلك الفنجان الذي يوقظ حواسي وينشطني لبدء يوم جديد.
القهوة ليست مجرد مشروب، بل هي لحظة هدوء وتأمل في بداية كل يوم. عندما أجلس مع فنجاني المفضل، أشعر بالراحة والسكينة، وأستطيع أن أستجمع أفكاري وأحدد أهدافي لليوم.
اثر الحرية الاقتصادية علي النمو الاقتصادي دراسة حالة الاقتصاد المصري
وقد أثارت العلاقة بین الحریة الاقتصادیة والحریة السیاسیة والنمو الاقتصادی الکثیر من الجدل على المستوى العلمی والعملی، فهناک من یعتقد أن الحریة السیاسیة والاقتصادیة ذات أثر إیجابی على التنمیة، وهناک من یرى إنه یجب الترکیز على التنمیة دون الأخذ فی الإعتبار الحریة السیاسیة والاقتصادیة على أساس عدم وجود تأثیر. والإعتقاد فی تأثیر الحریة على النمو والتنمیة قد لا ینبع من أسس اقتصادیة، وإنما تحقیقاً لمصالح سیاسیة؛ لارتباط العلاقة بینهم بنمط الحکم السائد فی الدولة؛ بحیث یعتقد البعض بأن وجود التأثیر الإیجابی للحریة السیاسیة والاقتصادیة على النمو والتنمیة یدعم نظام الحکم الدیمقراطی؛ وعلى النقیض من ذلک یرى آخرون بأن العلاقة سلبیة بینهم یدعم الحکم الشمولی والدیکتاتوری من منطق إنه الإصلاح للنمو والتنمیة فی البلاد.
وتتمثل مشکلة الدراسة فی الاعتقاد الراسخ لدى البعض بأن التعامل مع المتغیرات الاقتصادیة وتفاعلاتها مع بعضها البعض یمکن أن یولد النمو والتنمیة الاقتصادیة؛ بمعزل عن الإطار المحیط الذی تعمل به هذه السیاسات، ألا وهو إطار الحریة السیاسیة والاقتصادیة. فبالرغم من تعدد الأدبیات السابقة التی تناولــت أسباب تخلــف سیاســات الإصــلاح الاقتصادی فی الــدول النامیــة؛ والذی یرجع فی جــزء کبــیر منــه إلى ســوء التخطــیط الاقتصادی، وتفاعل العوامل الاقتصادیة مع بعضها البعض، إلا أن تلک الدراسات لم تشر الاطار الذی تعمل فیه تلک المتغیرات، وخاصة الحریــة الاقتصادیة والسیاسیة وأثرهــا علــى فاعلیة سیاسات الإصلاح الاقتصادی. من هنا؛ ستسعى الدراسة الحالیة للتعرف على طبیعة هذا الأثر سواء کان إیجابیاَ أم سلبیاَ.
وترجع الأهمیة العلمیة للدراسة إلى سعیها لاکتشاف العلاقة بین فاعلیة الإجراءات والإصلاحات الاقتصادیة وتوافر الحریة السیاسیة والاقتصادیة. ومن ثم؛ هل الإجراءات التقشفیة ورفع الدعم فی الدول النامیة وبدعم وبمشروطیة اقتصادیة من الصندوق والبنک الدولیین یمکن ان تؤدی إلى النمو والتنمیة بدون إطار اقتصادی وسیاسی یتمتع بالحریة. وتحاول الدراسة الإجابة على تساؤل رئیسی وهو هل یؤدی توافر الحریة السیاسیة والاقتصادیة داخل الدولة إلى تعزیز النمو الاقتصادی. وفی إطار الإجابة على هذا السؤال تقوم الدراسة بإختبار فرضیة ” أن الحریة السیاسیة والاقتصادیة ذات تأثیر إیجابی ومعنوی على النمو الاقتصادی”. وتعتمددراستناعلى فرضیة علاقة إقتران طردیةإیجابیة قوامها إنه کلما أطلقت الحریات العامة للأفرادفی المجتمع وتهدف الدراسة إلى اختبار الفرضیة السابقة بالتطبیق على الاقتصاد المصری، من خلال استخدام نموذج قیاسی (OLS) خلال الفترة (1990-2017).ولتحقیق هدف الدراسة تنقسم الدراسة الی عدة اقسام – بالاضافة الی المقدمة والخاتمة- وهی مفهوم ومقاییس الحریة السیاسیة والحریة الاقتصادیة، والإطار الفکری لعلاقة الحریة السیاسیة بالاقتصادیة والتنمیة الاقتصادیة، والدراسة التطبیقیة لأثر الحریة على التنمیة الاقتصادیةبالاضافة الی قیاس أثر الحریة السیاسیة والاقتصادیة على التنمیة فی مصر.
أولاً: مفهوم ومقاییس الحریة السیاسیة والحریة الاقتصادیة
تشیر الحریة السیاسیة إلى مدى سهولة/صعوبة تأثیر الجمهور فی نظم الحکم، وهی مفهوم عام ویمتد لکافة الحقول ویخترق کل المجالات. وعلى الرغم من أن مصطلح الدیمقراطیة دائماً ما یستخدم کبدیل لمصطلح الحریة السیاسیة؛ إلا إنهما فی واقع الأمر لا یحملان نفس المعنى، فمن الممکن اعتبار الدیمقراطیة أنها بعض المبادئ والتطبیقات التی تضمن وتحمى الحریة. والدیمقراطیة هی حکم الشعب للشعب؛ وهذا یتم من خلال اختیار الشعب من یقوم بالنیابة عنه فی الحکم بموجب عقد اجتماعی بینهما، بحیث یتنازل الشعب عن جزء من حریته لصالح النظام الحاکم حتى یتمکن الاخیر من امتلاک سلطة الحکم التی یحمی بها أرواح وممتلکات الشعب. اما الحریة السیاسیة هی القدرة علی الاختیار من بین عدة بدائل لحکم البلاد، کما انها القدرة علی ازاحة انظمة حکم لایرغب فیها الجمهور بالوسائل الدیمقراطیة.
وعلى الرغم من تعدد المقاییس للحریة السیاسیة، إلا أنه یمکن القول أن أکثر المقاییس شهرة وأفضلها هو ذلک المقیاس الصادر عن منظمة Freedom House الأمریکیة حیث أن هذا المؤشر یشمل جمیع البلدان وهو یعود إلى أوائل السبعینات، وقد تم استخدامه بکثافة فى الکثیر من التحقیقات التجریبیة للعلاقة بین العدید من المتغیرات الاقتصادیة والاجتماعیة. وقد أصدرت المنظمة أول استبیان خاص بالحریة فی العالم (الحقوق السیاسیة والحریات المدنیة) عام 1973، حیث قامت بتعریف الحریة بأنها: تلک الفرصة للتصرف بعفویة فی مختلف المجالات دون تحکم أو تقیید من الحکومة السیادیة فی الدولة، وتقاس درجة الحریة طبقاً للحقوق السیاسیة والحریات المدنیة، فالحقوق السیاسیة هی تمکین الأفراد من المشارکة الحرة فی العملیة السیاسیة من خلال حق التصویت، والمنافسة على المناصب العامة، واختیار ممثلین للتأثیر على السیاسة العامة لیکونوا مسؤلین أمام الناخبین، أما الحریات المدنیة فهی: حریة التعبیر والاعتقاد، وحقوق المؤسسات والجمعیات، وسیادة القانون، والاستقلالیة