محمد عبيد 
رحّب الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» بإعلان المفوضية الأوروبية عن «خطة الاستثمار في النقل المستدام» (STIP)، واعتبرها خطوة مهمة نحو تسريع جهود خفض انبعاثات قطاع الطيران الأوروبي، لكنه في الوقت نفسه حذر من أن التنفيذ الفعلي لا يزال بحاجة إلى مزيد من الإجراءات الحاسمة لضمان تحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2050، مشيرًا إلى ضرورة مواءمة السياسات الأوروبية مع احتياجات الصناعة وتحديات السوق الفعلية.
وأكد «إياتا» أن خطة الاستثمار في النقل المستدام (STIP) تمثل اعترافًا رسميًا من المفوضية الأوروبية بالحاجة الملحة لتسريع جهود إزالة الكربون من قطاع الطيران، معتبرًا أنها تعالج عددًا من نقاط الضعف التاريخية في استراتيجية الاتحاد الأوروبي لتقليل الانبعاثات. ومع ذلك، شدد «إياتا» على أن الطريق لا يزال طويلًا أمام تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس.
وقال ويلي والش، المدير العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي: «نرحب باعتراف المفوضية بالتحديات التي تنشأ عن سياسات فرض استخدام الوقود الحيوي المستدام (SAF) دون معالجة كافية لفجوة الأسعار بينه وبين الوقود التقليدي، وبأهمية تقديم دعم استثماري قوي. إن تمديد الدعم المقدم ضمن نظام تداول الانبعاثات الأوروبي (EU ETS)، واستكشاف آليات لتداول شهادات الوقود الحيوي وخيار “الكتاب والمطالبة”، إلى جانب تبسيط إجراءات الإبلاغ للمشغلين وتحسين الوصول إلى شهادات الاستدامة عبر قاعدة بيانات الاتحاد (UDB)، كلها خطوات إيجابية، لكننا بحاجة إلى رؤية التطبيق الفعلي على أرض الواقع».
وأشار والش إلى أن الخطة، رغم طموحها، لا تزال أقل من مستوى التوقعات في بعض الجوانب الحيوية التي يتطلع إليها القطاع، داعيًا إلى مراجعة شاملة للمبادرات الأوروبية في مجال الاستدامة لضمان بناء منظومة أكثر كفاءة واستدامة لخفض الانبعاثات في قطاع الطيران.
ومن أبرز النقاط التي حددها «إياتا» كمجالات بحاجة إلى تطوير، تمكين آلية «الكتاب والمطالبة» الخاصة بالوقود الحيوي المستدام في أوروبا، والتي تسمح بتداول شهادات الوقود بشكل مرن بين المطارات وشركات الطيران. ويرى الاتحاد أن تطبيق هذه الآلية سيسهم في إزالة الحواجز أمام إمدادات الوقود المستدام، كما سيعزز الاستثمارات في منشآت إنتاجه ويضمن تكافؤ الفرص بين المشغلين في مختلف المناطق الأوروبية. ودعا «إياتا» إلى إدخال تعديلات عاجلة على توجيه الاتحاد الأوروبي بشأن نظام تداول الانبعاثات، بما يسمح بالاعتراف بالوقود الحيوي المستدام المشتَرى في أي دولة أوروبية ضمن الحسابات الكلية للانبعاثات، إضافة إلى تسريع تطوير قاعدة بيانات الاتحاد (UDB) لدعم هذه الآلية.
كما شدد «إياتا» على أهمية مراعاة احتياجات شركات الطيران باعتبارها المستهلك النهائي للوقود، مؤكدًا أن ضمان سوق مستقرة وشفافة للوقود الحيوي المستدام شرط أساسي لتكامل هذا الوقود في العمليات اليومية لشركات الطيران. وحذر الاتحاد من أن الإطار التنظيمي الحالي يجعل الشركات تواجه أسعارًا مرتفعة وغير مبررة للوقود التقليدي والبديل على حد سواء، داعيًا إلى بناء سوق مفتوحة وعادلة للوقود المستدام توازن بين العرض والطلب وتدعم الشفافية.
وفيما يتعلق بنوعية الوقود الحيوي المستدام، أوضح «إياتا» أن الخطة الأوروبية تركز بشكل مفرط على الوقود الكهربائي الاصطناعي (e-SAF)، متجاهلة الإمكانات الكبيرة للوقود الحيوي التقليدي المشتق من المخلفات والنفايات. وأشار إلى أن تبني نهج محايد تكنولوجيًا يدعم كل أنواع الوقود المستدام، سواء الحيوي أو الاصطناعي، سيكون ضروريًا لتحقيق الهدف المتمثل في إنتاج 500 مليون طن من الوقود الحيوي بحلول عام 2050. وحذر الاتحاد من أن تقييد الدعم بنوع واحد فقط من الوقود قد يعيق التوسع المطلوب ويؤخر خفض الانبعاثات.
واختتم ويلي والش تصريحاته مؤكدًا استعداد «إياتا» للعمل مع المفوضية الأوروبية لضمان أن تتحول الخطة إلى إطار استثماري عملي ومتماسك، مشددًا على أهمية توضيح الجداول الزمنية لتنفيذ الإجراءات الأساسية تزامنًا مع مراجعة التشريعات الأوروبية ذات الصلة. وقال: «إن التزام قطاع الطيران العالمي بتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 لن يتحقق إلا بتنسيق السياسات العامة مع احتياجات الصناعة وحجم التحدي الحقيقي الذي نواجهه».