سعيد حنفي 
كانت مصر ولاية تابعة للدولة العثمانية (إيالة مصر) لمدة تقارب ثلاثة قرون، من عام 1517م حتى بداية القرن التاسع عشر.
بداية الحكم العثماني: بدأ الحكم العثماني لمصر بعد انتصار السلطان العثماني سليم الأول على المماليك في معركة الريدانية عام 1517م. أصبحت مصر بذلك جزءًا من الإمبراطورية العثمانية، وعاصمتها القسطنطينية (إسطنبول).
نظام الحكم العثماني في مصر: وضع السلطان سليم الأول نظامًا للحكم في مصر يهدف إلى توزيع السلطة ومنع أي طرف من الانفراد بها، وكان يتألف من ثلاث هيئات رئيسية:
- الوالي (الباشا): هو نائب السلطان العثماني في مصر، ومقره قلعة القاهرة. كان يُعين لمدة قصيرة (غالبًا سنة واحدة، وقد تمدد لسنة أخرى) لضمان عدم استقلاله بالبلاد. مهمته الأساسية كانت تنفيذ أوامر السلطان، إرسال الجزية السنوية إلى إسطنبول، وقيادة الجيش.
- الديوان: يتألف من كبار ضباط الجيش العثماني، وكبار الموظفين، والعلماء، والأعيان. كانت مهمته مساعدة الوالي في إدارة شؤون البلاد، وكان له سلطة الاعتراض على قرارات الوالي وحتى طلب عزله.
- المماليك: على الرغم من هزيمتهم، احتفظ العثمانيون بالمماليك في مواقع إدارية محلية في الأقاليم، للاستفادة من خبراتهم في شؤون البلاد الداخلية وتحصيل الضرائب (نظام الالتزام). وقد أدى هذا إلى استمرار نفوذ المماليك وتنافسهم المستمر مع الولاة العثمانيين.
نهاية الحكم العثماني الفعلي: على الرغم من أن مصر ظلت اسميًا ولاية عثمانية حتى عام 1914م، إلا أن الحكم العثماني الفعلي بدأ في التراجع بشكل كبير مع:
- حملة نابليون بونابرت على مصر (1798-1801م)، والتي كشفت ضعف السيطرة العثمانية.
- وصول محمد علي باشا إلى حكم مصر عام 1805م، حيث أسس دولة شبه مستقلة، ورغم تبعيته الاسمية للسلطان العثماني، إلا أنه حكم مصر فعليًا كدولة مستقلة بحكم الأمر الواقع، وورثت أسرته الحكم من بعده.
- مع الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882م، انتهى أي نفوذ عثماني حقيقي، ثم أعلنت بريطانيا الحماية على مصر في عام 1914م مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، منهية بذلك أي تبعية اسمية للدولة العثمانية.
****************
أبرز ولاة مصر العثمانيين الأوائل (القرن السادس عشر)
بعد الفتح العثماني لمصر عام 1517م، تم تعيين ولاة عثمانيين على رأس الإيالة (الولاية) الجديدة. من أبرز هؤلاء الولاة:
- يونس باشا (1517 م): أول والٍ عثماني على مصر، لكنه عزل بسرعة بسبب فساده وأُعدم.
- خير بك (1517 – 1522 م): كان أميرًا مملوكيًا انحاز للعثمانيين، وعينه السلطان سليم الأول واليًا على مصر. شهدت ولايته ترسيخ الإدارة العثمانية.
- جوبان مصطفى باشا (1522 – 1523 م): أخمَدَ تمردًا صغيرًا للمماليك.
- أحمد باشا الخائن (1523 – 1524 م): حاول الانفصال بمصر عن الدولة العثمانية وأعلن نفسه سلطانًا، لكن ثورته فشلت وأُعدم.
- إبراهيم باشا الفرنجي (الصَّدر الأعظم) (1525 م): أُرسل من إسطنبول لتنظيم شؤون مصر الإدارية والعسكرية بعد تمرد أحمد باشا الخائن، وبقي لعدة أشهر لوضع “قانون نامة مصر” (القانون المنظم لمصر العثمانية).
- سليمان باشا الخادم (الخصي) (ولاية أولى: 1525 – 1535 م، وولاية ثانية: 1537 – 1538 م): شهدت ولايته إصلاحات إدارية.
- داود باشا (1538 – 1549 م): يُعتبر أحد أطول الولاة حكمًا في هذه الفترة، وقد شهدت ولايته استقرارًا نسبيًا.
ولاة الفترات اللاحقة (القرون 17 و18)
خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، استمر تعيين الولاة العثمانيين، لكن سلطتهم غالبًا ما كانت تتضاءل أمام نفوذ أمراء المماليك المحليين (خاصة “بكوات المماليك”) الذين كانوا يستغلون ضعف الدولة العثمانية لتوسيع نفوذهم. أصبحت مصر في هذه الفترة تحت حكم شبه ذاتي للمماليك، مع بقاء الوالي العثماني رمزًا للسلطة العثمانية.
تتابع على مصر عشرات الولاة خلال هذه الفترة، وغالبًا ما كانت فترات حكمهم قصيرة جدًا، مما يعكس الاضطراب السياسي والصراعات الداخلية.
****************
حكم محمد علي باشا مصر خلال فترة شهدت تعاقب عدة سلاطين عثمانيين، حيث بدأ حكمه في عام 1805م.
السلاطين العثمانيون الذين عاصروا فترة حكم محمد علي باشا (1805-1848م) هم:
- سليم الثالث (حكم من 1789 إلى 1807م): أصدر فرمانًا بتولية محمد علي باشا على مصر عام 1805م.
- مصطفى الرابع (حكم من 1807 إلى 1808م).
- محمود الثاني (حكم من 1808 إلى 1839م): شهد عهده معظم فترة حكم محمد علي، ووقعت بينهما صراعات وحروب.
- عبد المجيد الأول (حكم من 1839 إلى 1861م): تولى الخلافة بعد وفاة محمود الثاني، وشهد بداية عهده نهاية الحكم المصري لبلاد الشام بموجب معاهدة لندن 1840م، وأصدر الفرمان الذي جعل ولاية مصر وراثية في أسرة محمد علي.
نهاية العهد العثماني الفعلي وتأسيس حكم أسرة محمد علي
في أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، شهدت مصر حملة نابليون بونابرت (1798-1801م)، والتي أظهرت ضعف السيطرة العثمانية والمملوكية.
بعد انسحاب الحملة الفرنسية، شهدت مصر صراعًا على السلطة انتهى بتولي محمد علي باشا الحكم عام 1805م. وعلى الرغم من أنه عُيّن واليًا من قبل السلطان العثماني، إلا أنه سرعان ما أسس دولة قوية ومستقلة بحكم الأمر الواقع، وورث الحكم من بعده أبناؤه وأحفاده (الأسرة العلوية)، منهم:
حكام أسرة محمد علي باشا:
- محمد علي باشا (والي مصر): حكم من 1805 إلى 1848.
- إبراهيم باشا (والي مصر): حكم لفترة قصيرة في عام 1848 (بالنيابة عن والده المريض).
- عباس حلمي الأول (والي مصر): حكم من 1848 إلى 1854.
- محمد سعيد باشا (والي مصر): حكم من 1854 إلى 1863.
- الخديوي إسماعيل باشا (والي ثم خديوي): حكم من 1863 إلى 1879. والذي حصل على لقب “الخديوي” عام 1867م من السلطان العثماني، مما أكد استقلالية مصر الذاتية المتزايدة.
- الخديوي محمد توفيق باشا: حكم من 1879 إلى 1892.
- الخديوي عباس حلمي الثاني: حكم من 1892 إلى 1914.
- السلطان حسين كامل: حكم من 1914 إلى 1917. (بعد إعلان الحماية البريطانية على مصر، تغير لقب حاكم مصر من خديوي إلى سلطان).
- الملك فؤاد الأول (سلطان ثم ملك): حكم من 1917 إلى 1936. أصبح ملكًا لمصر عام 1922 بعد إعلان استقلال مصر عن الحماية البريطانية.
- الملك فاروق الأول: حكم من 1936 إلى 1952. تنازل عن العرش بعد ثورة يوليو 1952.
- الملك أحمد فؤاد الثاني: حكم من 1952 إلى 1953 (ملكًا رضيعًا تحت وصاية مجلس الوصاية). انتهى حكمه بإعلان الجمهورية.
ثورة يوليو 1952م، حيث تحولت مصر إلى جمهورية.