ماذا لو فعلنا مثله ؟!
بقلم الدكتور صلاح هاشم
مدير منتدى دراية للسياسات العامة ودراسات التنمية
في عام 2017، اكتشف “تشانغ ليونغ”، المزارع البسيط من إحدى قرى سيتشوان الريفية، أن ابنته الصغيرة ذات العامين مصابة بمرض الثلاسيميا الحاد — مرض لا يُشفى إلا بزراعة خلايا جذعية مكوّنة للد م، تتجاوز تكلفتها المليون يوان صيني.
استنفد “تشانغ” وزوجته كل ما يملكان من مدخرات، باعا أرضهما وأثاث منزلهما، لكن العلاج كان أغلى من قدرتهم. ومع مرور الأيام، واجه الأب المكلوم سؤالاً لا يحتمل: ماذا لو لم يتمكنا من إنقاذها؟
في لحظة عجز ويأس، حفر “تشانغ” قبرًا صغيرًا بيديه قرب بيته، وفكرته كانت :
“إن رحلت يوماً، أريدك ألا تخافي من الموت… أريدك أن تتأقلمي معه.” عجز الاب يقهر ..
ومنذ ذلك اليوم، كان ينام إلى جوارها هناك، يلعبان معًا وسط التراب. مشهد لم يكن موتًا، بل حبًّا يحاول أن يتنفس.
وحين انتشر الفيديو عبر الإنترنت، بكت الصين كلها. مئات الآلاف تفاعلوا، ومنصات التمويل الجماعي تحركت بسرعة مذهلة، فجمعت تكاليف العلاج كاملة في أقل من شهر.
وبنصيحة الأطباء، أنجبت الأم طفلة أخرى. وبعد أشهر، تمكّن الأطباء من إنقاذ الأخت الكبرى بد م الحبل السري لأختها الصغيرة. رجل أعمال عطوف تكفّل بكل تكاليف العلاج الإضافية، لتخرج الطفلة من المستشفى معافاة.
عاد “تشانغ” إلى القبر الذي كان ينتظر ابنته… وردمه بيديه، هذه المرة بطمأنينة. نثر عليه بذور عباد الشمس، وقال مبتسمًا:
“هنا دفنت خوفي، لا ابنتي.”
الحب لا يُهزم.
حتى في أكثر الترب قحطًا، يمكن لزهور الأمل أن تزدهر.
ولكن ماذا لو فعلنا مثله هل بإمكاننا أن نواجه رهبة الموت ..؟!

