في السنة السادسة للهجرة أبرم النبي صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية بينه وبين قريش، وكان من بنود هذا الصلح: وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكف كل فريق عن الفريق الآخر، وعن من دخل في حلفه وعهده.
كانت هذه الهدنة فرصة ليتفرغ النبي صلى الله عليه وسلم لدعوة من لم تصلهم دعوته، ولنشر رسالة الإسلام خارج الجزيرة وعبر العالم، فبدأ يكتب الكتب والرسائل ويبعث بها إلى الملوك والرؤساء حول العالم تبليغا لرسالة الله التي أرسله بها إلى الناس كافة.
رسل رسول الله الى ملوك العالم
خاتم رسول الله : الذي كان يختم به خطاباته
- الزمن: في الأرجح أواخر العام السادس الهجري أو بداية العام السابع الهجري (حوالي 628 ميلادي).
- المناسبة: بعد صلح الحديبية.
- رسالة النبي إلى النجاشي ملك الحبشة
- رسالة النبي إلى هرقل عظيم الروم
- رسالة النبي إلى المقوقس ملك القبط بمصر
- رسالة النبي إلى كسرى ملك الفرس
****************
خطاب الرسول إلى النجاشي
أُرسلت هذه الرسالة غالباً بعد هجرة المسلمين إلى الحبشة، وقيل إنها أُرسلت في العام السابع الهجري أيضاً، أو قبل ذلك. وحملها عمرو بن أمية الضمري.
بسم الله الرحمن الرحيممن محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة.
سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطاهرة الحصينة، فحملت بعيسى من روحه ونفخه، كما خلق آدم بيده ونفخه.
وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني، فإني رسول الله، وإني أدعوك وجندك إلى الله عز وجل.
وقد بعثت إليك ابن عمي جعفر ومعه نفر من المسلمين، فإذا جاؤوك فأقرهم، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
الزمن: هذة رسالة أُرسلت للنجاشي في وقت مبكر جداً، قبل الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، أثناء هجرة المسلمين الأوائل إلى الحبشة (حوالي العام الخامس للبعثة النبوية).
رد النجاشي على رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيمإلى محمد رسول الله، من النجاشي أصحمة.
سلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته، لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام.
أما بعد، فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فورب السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقاً [أي: لا يزيد شيئاً]. وإنه كما ذكرت.
وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، وقد قرينا ابن عمك وأصحابه. وأشهد أنك رسول الله صادقاً مصدوقاً، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين.
يا رسول الله، فإني أشهد أن ما تقول حق، والسلام عليك يا رسول الله.
***********************
خطاب الرسول إلى هرقل
أُرسلت هذه الرسالة في أواخر العام السادس الهجري أو بداية العام السابع الهجري (حوالي 628 ميلادي). وحملها دحية الكلبي.
من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم.
سلام على من اتبع الهدى.أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين.“يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون.” [آل عمران 64]صدق الله العظيم.
“إثم الأريسيين” (هرقل): هذه العبارة خاصة بالرسالة الموجهة إلى هرقل. وهي تعني أنه إذا رفض الإسلام، فسوف يتحمل عبء رفض رعاياه أيضًا، حيث من المرجح أن يتبعوا قيادته. هذا يسلط الضوء على السلطة السياسية والدينية التي كان يتمتع بها هرقل على شعبه. …… (لم تكتب الى المقوقس .. لعل هرقل له تأثير على شعبه ومن يتبعوه اعلى من المقوقس حيث كان المقوقس في ذلك الوقت، كحاكم لمصر تحت السلطة البيزنطية)
“أجرك مرتين”: تعد كلتا الرسالتين بـ”أجر مضاعف” لمن يعتنق الإسلام، وهو ما يُفسر غالبًا على أنه مكافأة لإيمانهم السابق (كأهل كتاب) وقبولهم للإسلام.
رد فعل هرقل على رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
عندما وصلت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، وكان في بيت المقدس (إيلياء) حينها، أرسل في طلب أبي سفيان بن حرب (وكان لا يزال مشركاً في ذلك الوقت) ليسأله عن النبي محمد. استدعى هرقل وجهاء قومه من الروم، ثم أخذ يسأل أبا سفيان عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أتباعه، وعن سلوكه، وعن نسبه، وعن هل يغدر أم لا، وغيرها من الأسئلة.
وبعد أن استمع هرقل جيدًا لإجابات أبي سفيان، والتي لم يتمكن أبو سفيان من الكذب فيها خوفًا من الشماتة بين الحاضرين، علّق هرقل على كل نقطة:
- عن نسبه: “سألتك عن نسبه، فذكرت أنه فيكم ذو نسب، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها.”
- عن صدقه: “وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، فذكرت ألا، فقد عرفت أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله.”
- عن أتباعه: “وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل.”
- عن تزايدهم أو تناقصهم: “وسألتك هل يرتد منهم أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرت ألا، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب.”
- عن غدره: “وسألتك هل يغدر، فذكرت ألا، وكذلك الرسل لا تغدر.”
- عن الحرب: “وسألتك بما يأمركم، فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد.”
خلاصة رد هرقل واستنتاجه:
بعد هذه الأسئلة والتحليلات، قال هرقل: “أشهد أنه نبي! ولو أعلم أني أخلص إليه [أي: أصل إليه] لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه!”
ثم قرأ رسالة النبي صلى الله عليه وسلم كاملة. وعندما علم الحاضرون من عظماء الروم ما قاله هرقل، ضجّوا وعلت أصواتهم، فخاف هرقل منهم على ملكه، وقال لهم: “إنما قلت ذلك لأنظر صرامتكم على دينكم!” فهدأوا.
****************
خطاب الرسول إلى المقوقس (عظيم القبط – حاكم مصر)
أُرسلت هذه الرسالة في أواخر العام السادس الهجري أو بداية العام السابع الهجري (حوالي 628 ميلادي). وحملها حاتب بن أبي بلتعة.
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط.
سلام على من اتبع الهدى.
أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين.
“يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون.” [آل عمران 64
رد المقوقس على رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
وصلت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس في عن طريق الصحابي حاتب بن أبي بلتعة. وقد أكرم المقوقس حاتباً وأحسن وفادته، ثم كتب رده.
بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط.
سلام عليك.
أما بعد، فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه.
وقد علمت أن نبياً قد بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام.
وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيمه، وبكسوة، وبغلة لتركبها، والسلام عليك.
****************
خطاب الرسول إلى كسرى ملك فارس
أُرسلت هذه الرسالة في أواخر العام السادس الهجري أو بداية العام السابع الهجري (حوالي 628 ميلادي)، وحملها الصحابي عبد الله بن حذافة السهمي.
بسم الله الرحمن الرحيممن محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس.
سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله.
وأدعوك بدعاية الله، فإني رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين.
فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن عليك إثم المجوس.