المماليك كانوا فئة عسكرية قوية حكمت مصر وبلاد الشام والحجاز وأجزاء من اليمن والأناضول لفترة طويلة، امتدت من عام 1250م حتى 1517م. لم يكونوا سلالة ملكية بالمعنى التقليدي، بل كانوا عبيدًا عسكريين تم جلبهم وتدريبهم، ثم ارتقوا في المناصب حتى وصلوا إلى سدة الحكم.
كيف نشأت دولة المماليك؟ بدأ المماليك في الظهور كقوة عسكرية في عهد الدولة الأيوبية، حيث استعان بهم السلاطين الأيوبيون، وخاصة السلطان نجم الدين أيوب، لتقوية جيوشهم. قام نجم الدين أيوب ببناء قلعة لهم بجزيرة الروضة. عندما توفي الصالح نجم الدين أيوب، وتولت زوجته شجر الدر الحكم لفترة قصيرة، قامت بتنازل عن العرش لعز الدين أيبك، وهو أحد كبار قادة المماليك، ليؤسس بذلك دولة المماليك المستقلة عام 1250م (648 هـ).
فترتا حكم المماليك: تنقسم فترة حكم المماليك إلى فترتين رئيسيتين:
- المماليك البحرية (1250-1382م):
- سموا بالبحرية نسبة إلى سكنهم في قلعة بجزيرة الروضة على النيل (بحر النيل).
- كان أغلبهم من أصول تركية (القبجاق) وقبطية وشركسية.
- شهدت هذه الفترة ازدهارًا كبيرًا للدولة المملوكية، خاصة في عهد سلاطين مثل الظاهر بيبرس والمنصور قلاوون وابنه الناصر محمد بن قلاوون، الذي شهدت مصر في عهده نهضة حضارية وعمرانية غير مسبوقة.
- من أبرز إنجازاتهم: صد هجمات المغول في معركة عين جالوت عام 1260م، وتحرير الشام من الصليبيين.
- المماليك البرجية (1382-1517م):
- سموا بالبرجية نسبة إلى سكنهم في أبراج قلعة القاهرة.
- كان معظمهم من أصول شركسية.
- تميزت هذه الفترة بالصراعات الداخلية المستمرة بين الأمراء المماليك، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في أواخر عهدهم.
- من أبرز سلاطينهم: الظاهر برقوق (مؤسس هذه الفترة) والأشرف قايتباي وقانصوه الغوري وطومان باي.
أبرز سلاطين المماليك:
- عز الدين أيبك: مؤسس الدولة المملوكية.
- سيف الدين قطز: قائد معركة عين جالوت الحاسمة ضد المغول.
- الظاهر بيبرس: يعتبر المؤسس الحقيقي لدولة المماليك البحرية، وبطل حروب الصليبيين والمغول.
- المنصور سيف الدين قلاوون: استكمل جهود بيبرس في مواجهة الصليبيين والمغول.
- الناصر محمد بن قلاوون: حكم لثلاث فترات، وشهد عهده أوج ازدهار الدولة المملوكية حضاريًا وعمرانيًا.
- الظاهر برقوق: مؤسس دولة المماليك البرجية.
- الأشرف قايتباي: شهدت فترة حكمه استقرارًا نسبيًا وازدهارًا عمرانيًا.
- قانصوه الغوري: آخر السلاطين المماليك الأقوياء قبل السقوط.
- طومان باي: آخر سلاطين المماليك، قاوم العثمانيين بشجاعة.
سلاطين المماليك البحرية (1250 – 1382 م):
- عز الدين أيبك (1250 – 1257 م): أول سلاطين المماليك ومؤسس الدولة المملوكية في مصر.
- سيف الدين قطز (1259 – 1260 م): بطل معركة عين جالوت التي أوقفت زحف المغول.
- الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري (1260 – 1277 م): يعتبر المؤسس الحقيقي لدولة المماليك البحرية، واشتهر بجهوده في طرد الصليبيين ومواجهة المغول.
- المنصور سيف الدين قلاوون الألفي (1279 – 1290 م): استكمل جهود بيبرس في محاربة الصليبيين، وشهد عهده بناء العديد من المنشآت الهامة.
- الناصر محمد بن قلاوون (حكم ثلاث مرات: 1293-1294 م، 1299-1309 م، 1310-1341 م): يُعد من أعظم سلاطين المماليك، وشهدت فترات حكمه أوج ازدهار الدولة المملوكية حضاريًا وعمرانيًا واقتصاديًا.
سلاطين المماليك البرجية (1382 – 1517 م):
- الظاهر سيف الدين برقوق (حكم مرتين: 1382-1389 م، 1390-1399 م): مؤسس دولة المماليك البرجية.
- الأشرف سيف الدين قايتباي (1468 – 1496 م): شهد عهده استقرارًا نسبيًا وازدهارًا معماريًا وفنيًا.
- الأشرف قانصوه الغوري (1501 – 1516 م): آخر السلاطين المماليك الأقوياء، قاد الجيش المملوكي في معركة مرج دابق ضد العثمانيين.
- الأشرف طومان باي (1516 – 1517 م): آخر سلاطين المماليك في مصر، قاوم الغزو العثماني بشجاعة حتى سقطت الدولة.
سقوط دولة المماليك: تدهورت أوضاع دولة المماليك في أواخر عهدها بسبب عدة عوامل:
- الصراعات الداخلية: النزاعات المستمرة بين الأمراء المماليك أدت إلى إضعاف الدولة.
- الأزمات الاقتصادية: تدهور الأوضاع الاقتصادية بسبب الضرائب الجائرة، احتكار السلع، وتغير طرق التجارة العالمية بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، مما أثر على موقع مصر التجاري.
- الضعف العسكري: على الرغم من قوتهم السابقة، فإنهم لم يواكبوا التطورات العسكرية الحديثة (مثل استخدام المدفعية)، مما جعلهم عرضة لهجمات القوى الصاعدة.
سقطت دولة المماليك على يد العثمانيين بقيادة السلطان سليم الأول بعد معركتين حاسمتين:
- معركة مرج دابق (1516م): في الشام، انتهت بهزيمة المماليك ومقتل السلطان قانصوه الغوري.
- معركة الريدانية (1517م): في مصر، انتهت بهزيمة المماليك بقيادة طومان باي، ودخول العثمانيين القاهرة، وبذلك انتهى حكم المماليك وبدأ العصر العثماني في مصر والشام.
بعد سقوط الدولة في مصر والشام، استمرت بعض جيوب المماليك في مناطق أخرى، وظل لهم نفوذ سياسي وعسكري محدود في مصر تحت الحكم العثماني، حتى قضى عليهم محمد علي باشا في مذبحة القلعة عام 1811م.